لهم بعض تحرك فيندفعون مثل السيل إذا اجتمع في مكان ضيق فيدفع بعضه بعضا حتى ينفجر من جهة فسبحان خالقهم ورازقهم وعالم نياتهم وضمائرهم يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون لا إله إلا هو رب العرش العظيم رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الحكيم.
وأخبار مصر وما فيها من العجائب وجميع ما يحتاج إليه من أحوالهم مستوفى في كتب تواريخها فلا نطيل بكثير منه.
قال وأحسن كتاب جامع في ذلك مع الاختصار كتاب حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للجلال السيوطي فانه مفيد جدا ومن أجاد مطالعته لم يفته من أخبارها إلا المعاينة أو أشياء قليلة من العوارض المشخصات اه ـ كلامه إلى أن قال وقد تعرض لنا الفلاحون خارج البلد وتلك عادتهم عند قدوم الركب كلما قدم يتعرضونه ويتخذون الأصحاب ليودعوا عندهم الإبل ويتركوها عندهم أمد الإقامة طلوعا ورجوعا وهم كما قيل «الحرص على الأمانة ، دليل على الخيانة» فلا ترى أعجب من تلطفهم وليس خطابهم عند نصب شبكة الخداع للمغتر من الحجاج فيحلفون بالأيمان المغلظة على أداء الأمانة وبذل المجهود في النصيحة حتى يركن إلى قولهم ولو من جربهم مرارا ثم عند المفاصلة فلما ينفصل معهم أحد بطيب نفس.
قال أبو سالم ومن أمثال الحجاج المال المودع بع واستنفع فالعاقل من باع ما فضل عنه من أبله أو ضاع ومتى احتاج اشترى ولكن رزق يسوقه الله العباد أي الفلاحين من قديم الزمان لا مطمع لأحد في قطعه ففي كل مرة نقول متى رجعنا لا نودع عند أحد فإذا عدنا استنزلونا بخلب بارق من وعدهم الكاذب حتى نفع في حبائلهم ونتورط في مخالبهم التي يعسر الخروج منها بدين سالم وعرض مصون إلى أن قال أبو سالم بعد ما تقدم.