وأما الصحيح فيخدم على نفسه ثم أن رأيهم قد اتفق معي على أنهم يركبونهم في المراكب إلى الإسكندرية وبر الترك وإلى طرابلس وتونس فقلت لهم هذا القدر كاف شرعا والمسألة يتعذر فيها الاستقصاء فإذا تمهد هذا فأقول انعطاف إلى ما كنا بصدده.
وهو أننا ظعنا من التميمي وأخذنا شاطئ البحر متفرقين لما في الطريق من كثرة الشجر والحجر إلى أن قربنا ساحل البحر وأشرفنا على عين الغزالة وتلاقينا ببعض الأعراب راحلين إلى التميمي معهم أموالهم يطلبون الكلا ويسألون عن عافية المحل فقلنا له قد انجلى أهله لقلة المير والجور فتسوق بعض أهل الركب معهم.
وفي ذلك اليوم سقط ولد الفاضل الكامل الفقيه سيدي أحمد الصدقاوي الملقب عياض عن مركوبه فتحيرنا من أجله إذ حين سقوطه لم يبق فيه إلا نفس ضعيف وقد غشي عليه كأنه سكران ثم إن بعض الناس من أهل الخبرة قال اتركوه كذلك من غير أن توقظوه فبنفس إفاقته يرتاح وإن أيقظتموه حصل له المرض العظيم الألم الكبير فكان الأمر كما ذكر فتركناه حتى أفاق بنفسه وحصل اللطف من الرحمان عليه وعلى والده وعلينا أجمعين.
وفي ذلك اليوم أيضا حصل بعض التشاجر لأهل الركب ووقعت معركة عظيمة بين أهل عامر وأهل قصر الطير بالحجر والعصي غير أن الله رزق لنا اللطف من حالهم حيث لم يموتوا فهو من جملة ما تكرم الله به علينا في عدم حصول القتل ذلك اليوم وبذلك حصلت الفرقة في الركب وتقوى الغيظ بينهم ثم اجتمع أهل الفضل وأصلحنا بينهم أصلح الله حال الجميع بمنه وكرمه.
أقول قال شيخ شيوخنا المذكور ودرنة مدينة على ساحل البحر بها مرسى بينها وبين التميمي مسافة يوم ونصف من غربيه وكانت خالية منذ زمان إلى أن عمرها