الأندلس قرب الأربعين والألف ولم يزالوا بها إلى أن ربطوا فانشبوا الحرب بينهم وبين أمير طرابلس فأخرجهم منها صاغرين بعد وقعة قتل بها مئون من أشرافهم وهي الآن في طاعته وفيها عامله المستولي عليها وعلى عرب الجبل ومرسى هذه المدينة عجيبة تنزل بها السفن الجائية من الإسكندرية ومن طرابلس ومن بر الروم لا سيما مدينة (١) كندية فإن بينها وبين مدينة درنة مسافة يوم في البحر لأنها في مقابلتها والمعاش فيها متيسر كثير لجمعها بين البادية والحاضرة انتهى.
أقول ثم أن عين الغزالة صلينا عند قربها الظهر وهي عين جارية ماؤها عذب فيه بعض ملوحة تصب في بحيرة منقطعة عن البحر يدور بها القصب من أكثر جهاتها وليس في برقة كلها ماء يجري إلا هذا ثم قال الشيخ المذكور.
غريبة وفي ميسرة الطريق شرقي العين المذكورة وأنت مشرق بيت منحوت في الحجر الصلد قال شيخنا العياشي رحمه الله في رحلته طوله عشرون ذراعا في مثلها وبداخله بيت آخر نحو نصفه وفيه غرف صغار كأنها مخازن وكل ذلك منقور في الحجر الصلد نقرا عجيبا مربعا كهيئة أحسن ما أنت راء من البيوت وباب مربع كأحسن الأبواب وعند الباب حجرة واسعة منقورة في الحجر أيضا فتعجبنا من حسن صنعتها وإتقانها وتدبرنا قوله تعالى وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين.
قال وقد ذكر العبدري هذا البيت وأجاد وصفه وبهذا الموضع أرض طيبة كلها منقسمة فتخدم للحرث وأثار البناء متصل بأطرافها وعن يمناها شعاب تنصب من الجبال وكأنها كانت مجاري السيل ويقسمها أهل تلك الأرض على مزارعهم اه ـ.
ثم ظعنا من ذلك الموضع وسرنا نحو المرحلة أو المرحلتين فوجدنا آبارا مملوءة
__________________
(١) في الرحلة العياشية جزيرة.