سفره في بعثته ، وأنه تقابل مع الرئيس الأكبر للدعوة (دي خوي ١٩ هامش) ، وأنه عاد بعد ذلك إلى اليمن. وفيما يتعلق بمسألة تاريخ بعثته إلى إفريقية ، فالنص الذي لدينا ، وكذلك الخزرجي يقرران أن سنة ٢٩٠ هي السنة التي تمت فيها هذه البعثة ، ويقول المقريزي (١ / ٥٣٠) : إن أبا عبد الله وصل إلى بلدة كتامة في سنة ٢٨٨ ، ونقرأ في ابن الأثير أن ذلك وقع في سنة ٢٨٠. وهو التاريخ الذي اعتمده ده ساسى استنادا على بيبرس المنصور وأبي الفداء. وجاء في ابن الأثير أن أبا عبد الله لم يكن فحسب في شمالي إفريقية قبل وفاة إبراهيم بن أحمد الأغلبي (في نهاية سنة ٢٧٩) ، ولكن يبدو أنه قبل هذا الحادث كان قد أحرز قدرا من السلطة والنفوذ في البلاد يستطيع معه أن يدخل في حرب مكشوفة مع جنود إبراهيم الأغلبي (ابن الأثير ٨ / ٢٥ ، ٢٦). ولا نستطيع أن نجعل مؤلف «دستور المنجمين»
__________________
الملاحف الذي ما لبث أن عاد لمرض والدته ، فسير مكانه إبراهيم بن إسحاق الزبيدي (عيون : ٥ / ٥١) ، وكان أبو القاسم قد أرسل الداعيين الحلواني وأبا سفيان إلى بلاد المغرب من قبل. وكان هؤلاء الدعاة كما يقول العيني : (عقد الجمان : ١٣ / ١٥٣) يدعوان إلى محمد الحبيب والد عبيد الله المهدي ، وكان يسمى الهادي ، وكان بسلمية بالشام ، ولما علم أبو القاسم بوفاتهما (أي الحلواني وأبي سفيان). قال لأبي عبد الله الشيعي : «إن أرض كتامة من المغرب قد حرثها الحلواني وأبو سفيان وقد ماتا ، وليس لها غيرك ، فبادر فإنها موطأة ممهدة لك» (زبدة الفكرة : ٥ / ١٥٤).
أما عن سبب امتناع الإمام عن قصد اليمن فإن القاضي النعمان يقول : (في افتتاح ١٣٧ ـ ١٣٨): «إن المهدي لما وصل إلى مصر كان يأمل أن يقصد اليمن. وإن الذين صحبوه كانوا جميعا على هذا الاعتقاد ، وإن الداعي منصور اليمن أكد لليمنيين بأن المهدي سيظهر في بلادهم ، ولم يثنه عن عزمه إلا انحراف علي بن الفضل عن الدعوة ، فالمهدي لم يكن قصده حينما وصل إلى مصر الذهاب إلى المغرب كما قال ابن الأثير : (٨ / ١٢)». ولا كما قال الجندي : (سلوك / كاي : ١٤٢) ولكن كان قصده اليمن. ومن المحتمل أن يكون المهدي قد غير خطته وهو في مصر لأنه يعلم بأن العباسيين جادين في طلبه وأنهم أرسلوا عيونهم إلى كل الجهات المحتمل ذهابه إليها وبخاصة اليمن ، وأما خروج ابن الفضل على الدعوة الفاطمية فلم يحدث إلا بعد وصول المهدي إلى المغرب ، وبعد أن وقع تحت تأثير فيروز باب أبواب المهدي الذي أحزنه مسير الإمام إلى المغرب / فذهب بنفسه إلى اليمن واتصل بابن الفضل (عيون : ٥ / ١٣٨ ، سيرة جعفر الحاجب : ١١٥).