ويترتب على ذلك أن قيام ابن فضل بفتح صنعاء نهائيا لا بد أن يكون قد حدث بعد إحدى وثلاثين سنة من وصوله. ويبدو أنهما قد جاهدا طويلا قبل أن يظفرا بمركز السيادة والسلطان الذي شغلاه لفترة قصيرة.
حاشية [١٣٦] : يلاحظ أن أبا عبد الله ذكر هنا على أنه كان قد أرسله إلى إفريقية ميمون القداح ، أو أنه قد أرسله كما يمكن استخلاصه رئيس الإسماعيلية في ذلك الوقت ، وليس ابن حوشب كما ذكر كتاب آخرون (١). ولكن من الراجح أن أبا عبد الله تغيب عن موطنه وقتا ما قبل
__________________
(١) كان أبو القاسم منصور اليمن موضع ثقة المهدي ، فلقد تمكن هذا كما يقول برنارد لويس (٩٥) «عن طريق الدعوة ولأول مرة من تكوين دولة إسماعيلية في اليمن ، وسر الإمام كثيرا عند ما وردت إليه الهدايا من اليمن وقال لابنه : هذه أول ثمرة أيامك وبركة دولتك» وتمثل بقول الشاعر : (افتتاح : ١٨) :
الله أعطاك التي لا فوقها |
|
وكم أرادوا منعها وعوقها |
عنك ، ويأبي الله إلا سوقها |
|
إليك حتى طوقوك طوقها |
ولثقة رؤوساء الدعوة بأبي القاسم لقبوه بالمنصور وشبهوه بفجر الدعوة الذي مهد لشمسها بالظهور فقالوا فيه : (كان أبو القاسم بمثابة الفجر المتنفس ، وبه كشف الله عز وجل عن الأولياء الغمة ، وأنار حنادس الظلمة ، (غاية المواليد : ٤٨ ـ ٤٩) ، ويدلنا على مبلغ ثقة الأئمة به أنهم كلفوه بإرسال الدعاة إلى الجهات المختلفة ، لأنه ليس من المعقول أن يقوم أبو القاسم من تلقاء نفسه بهذا الأمر). فبعث ابن أخيه الهيثم داعيا إلى السند حيث استجاب إليه الكثير من أهلها (عيون : ٥ / ٣٨) وأرسل أبا محمد عبد الله بن العباس داعيا إلى مصر (نفسه : ٥ / ٣٨). ووزع الدعاة في سائر البلدان : باليمن واليمامة والبحرين (صبح الأعشى : ١ / ١١٩ ـ ١٢٠) ، والسند والهند ومصر والمغرب (افتتاح : ١٩). ولما أرسل الإمام داعيه أبا عبد الله الشيعي الصنعاني (واسمه الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا) ، وكان ذا علم وعقل ودين وورع وأمانة ونزاهة (افتتاح : ٣٢) إلى منصور اليمن قال له : «امتثل سيرته وانظر إلى مخارج أعماله ومجاري اتصاله فاحتذها وامتثلها فاعمل بها» (افتتاح : ٣٢ ؛ زبدة الفكرة : ٥ / ١٥٤). فأقام عنده يشهد مجالسه ، ويخرج معه في غزواته لا يفارقه ، حتى بعثه إلى أرض المغرب (افتتاح : ٣٢ ؛ عيون : ٥ / ٤٣ ؛ غاية المواليد : ٤٩). وأرسل معه ابن أبي