ولقد عنّ لي ، فيما أسلفت ، الحديث عن كاتب متأخر هو الديبع ، وعن كتاب صغير له عنوانه «تاريخ زبيد» ، في حوزة مكتبة المتحف البريطاني نسختان منه : الأولى تحت رقم ٣٢٦٥ القسم الشرقي ، والثانية تحت رقم ٢٧٥٤٠ زيادات. وبحسبي أن أضيف أن هذا الكتاب في أهدافه وأغراضه جميعا موجز ومقتبسات عن سفر أضخم منه لنفس المؤلف عنوانه : «قرة العيون في أخبار اليمن الميمون». أما اسم المؤلف فهو : وجيه الدين عبد الرحمن بن علي الديبع (١) من قبيلة شيبان المتوفي سنة ٩٤٤ ه. (١٥٣٦ ـ ١٥٣٧ م). وبمكتبة المتحف البريطاني نسختان من هذا السفر : الأولى برقم ٢٥١١١ زيادات ، والثانية برقم ٣٠٢٢ قسم شرقي. هذه النسخة الأخيرة خطت حديثا عن مخطوطة بدار الكتب المصرية بالقاهرة ، تم نسخها في سنة ١٢٩٥ ه. (١٨٧٨ م). وتتألف المخطوطة الأولى من ١٩١ ورقة. ونهاية الكتاب مفقودة ، ولكن المنقولة عن مخطوطة القاهرة تنقصها ورقة واحدة.
والجانب الأكبر من هذا الكتاب يكاد لا يكون غير اختصار لكتاب الكفاية ، يستهله المؤلف بالجزء الرابع من مخطوط الخزرجي ، فيجعل منه الجزء الأول (٢) وينقل لنا فصوله على نحو مختصر ، فصلا وراء فصل ، بنفس ترتيبها ، وعناوينها في «الكفاية» ثم يعقبه الجزء الثاني ، وهو الخامس عند الخزرجي. وفي الورقة ١٣٣ ينتهي الفصل الثاني عشر ، فيضيف من بعده ستة فصول أخرى ، يصل فيها بتاريخ الدولة الرسولية إلى نهايتها. ويلي هذا الجزء الثالث ، بادئا بالورقة ١٤٤ ، وهو مقسم إلى ثلاثة فصول : تحوي تاريخ بني طاهر إلى نهاية دولتهم ، وحتى فتح اليمن على يد جيوش آخر سلاطين مصر المماليك. لذلك نتبين أن هذا الجزء الأخير من كتاب الديبع البادىء بالورقة ١٣٣ هو وحده ما يمكن القول عنه إنه ذو قيمة حقيقية من وجهة النظر التاريخية. وقد اعترف المؤلف في مقدمة كتابه بفضل الخزرجي ، ويلاحظ أنه كان يطلق على كتاب الخزرجي اسم «العسجد».
__________________
(١) يقول صاحب كتاب تاج العروس : «إن الديبع كلمة نوبية معناها أبيض».
(٢) وعلى ذلك فهو يبدأ من نفس النقطة التي تبدأ بها مخطوطة ليدن لكتاب الكفاية للخزرجي (كاي).