منزلته ، ولكن بفضل مناقبه الشخصية ، ولذلك فإنهم يقررون حق الانتخاب للإمام من بين أفراد سلالة فاطمة ، ويقولون بأن الشخص الذي يرشح للإمامة يجب أن تتوافر فيه صفات : العلم والورع والسخاء والشجاعة ، كما يستوجبون له أن يكون ذا همة لكي ينهض مناضلا عن حقه ومطالبا باعتراف الكافة بإمامته ، ويقولون بتضييق مجال الاختيار ، وإن هذا التضييق يحول دون إحلال استحقاق الإمامة عن طريق الكفاية محل استحقاقها عن طريق الوراثة ، ولو أنهم يمتنعون في نفس الوقت عن إنكار إمامة الشيخين أبي بكر وعمر ، ويسلمون بجواز إمامة المفضولين أبي بكر وعمر على الرغم من وجود الفاضل وهو علي. كما يوصمون أيضا بأن مذهبهم يشتمل على عقائد الاعتزال ، وأن إمامهم زيد مؤسس الزيدية أخذ عن واصل بن عطاء.
وقد انفصل الزيدية كما هو متوقع عن الاثنا عشرية والإسماعيلية في مسألة الأئمة الشرعيين ، وهم جميعا يتفقون في حق علي في الخلافة ، وفي حق ولديه الحسن والحسين ، ويتفقون أيضا كما جاء في ابن خلدون في حق حفيده علي بن زين العابدين (١). وبين خصوم الزيدية يجعلون الوراثة بعد علي زين العابدين لولده محمد الباقر ، وهو زيد مؤسس فرقتهم ، ويقولون بأن ابنه يحيى قد خلفه ، ومع أنهم يبدؤون مذهبهم من هذه النقطة فإن الزيديين مع ذلك ليسوا على تمام الاتفاق. ففريق منهم كما يقول ابن خلدون يرى أن يحيى قد خلفه في الإمامة أخوه عيسى ، ويذهب آخرون إلى أن يحيى قبل وفاته أوصى بإمامة محمد النفس الزكية. وهكذا نقل هذا الفريق الإمامة من ذرية الحسين بن علي إلى ذرية الحسن بن علي ، ويقولون أيضا : إن محمدا قد خلعه أخوه إبراهيم الذي قتل في نهاية سنة ١٤٥ ه. ولم يعش بعد أخيه إلا مدة شهرين. ويذهب غيرهم إلى أن محمد النفس الزكية ، ومؤسس دولة الأدارسة في إفريقية وباني مدينة فاس.
وفي الحق نرى أن الزيدية ليس لهم سجل مدون فيه تسلسل أئمتهم. وفي فترة تالية لتلك التي أشرنا إليها يوجد فريقان كبيران من الزيديين :
__________________
(١) حذف مؤلف اليواقيت اسم (علي) هذا وأبدله باسم (الحسن بن الحسن).