في اليمن ، وقد أعاد القصة الآنفة الذكر بنفس العبارة تقريبا ، ولكنه يضيف أن إبراهيم الحامدي لم يعش طويلا بعد تعيينه داعيا ، وأنه قد توفي في نحو الوقت الذي أتى فيه الخبر بوفاة الخليفة في مصر ، ولذلك نقلت الملكة وظيفة الدعوة إلى آل زريع (١). وقد اغتيل الآمر في القاهرة ، اغتاله النزاريون في ذي القعدة سنة ٥٢٤ ، ويخبرنا مخطوط عمارة أن إبراهيم بن الحسين الحامدي عين في السنة الثانية من حكم
__________________
(١) أما عن نقل الملكة الدعوة إلى بن زريع ، فإن الملكة رفضت دعوة الحافظ وتمسكت بالدعوة القديمة لأنها اعتبرت أن الخليفة الحافظ قد اغتصب حق الخلافة من الإمام الطيب ابن الآمر ، حدث كل هذا بعد قتل الآمر سنة ٥٢٤ وعجز الحافظ عن استمالة الملكة أروى إلى قبول خلافته وإعلان ولائها لشخصه (عيون : ٧ / ٢٠٧). وقد قبل دعوته في اليمن سبأ بن أبي السعود الزريعي. ويقول إدريس : «لم يجب سبأ دعوة عبد المجيد (الحافظ) إلا تقية وخوفا .. وإنه كان باقيا على طاعة الإمام الطيب» (عيون : ٧ / ٢٠٤). وقال صاحب الأنباء (ص ٤٧) : «إنه وصل العلم بقتل الخليفة الآمر سنة ٥٢٤ بمصر وقيام الحافظ بعده. فأضافت السيدة دعوته إلى الزريعيين». ويقول صاحب العيون (٧ / ٢٠٥): «ورأت الإمساك عنه ، والاغضاء أجدر ، ولم تظهر الإنكار عليه ، تقية من سلطان عبد المجيد .. على دينها ، ورعاية لأهل دعوتها ومملكتها وأهلها» (الصليحيون : ١٧٥ ـ ١٩٣).
ثم يجب أن نفهم طيبا أن السلطان سبأ بن أحمد الصليحي طمع في رياسة الدعوة والدولة بعد وفاة الملك المكرم وبناء عن وصية المكرم كما ورد في عمارة (ص ٣١ ؛ كفاية : ٥٢) ، إلا أن الملكة لم تمكنه من ذلك كما رأينا ، ومع ذلك فإنها أقامته للذب عن الدولة فأبلى في ذلك بلاء حسنا (الصليحيون : ١٤٨ ـ ١٦١). وبعد وفاة سبأ سنة ٤٩٢ استعانت بالأمير المفضل بن أبي البركات الحميري (نفسه : ١٦٧). وبعد وفاة المفضل سنة ٥٠٤ استعانت بالأمير أسعد بن أبي الفتوح الحميري (نفسه ١٦٧ ـ ١٦٨). ثم اختلت أمور الدولة وطمع فيها الطامعون ، استعانت بالخليفة في مصر فأرسل إليها الوزير الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي في سنة ٥١٣ ، الأمير الموفق ابن نجيب الدولة (نفسه ١٦٨ ـ ١٧٤) ، ولما رحل ابن نجيب الدولة اختارت الملكة السلطان علي بن عبد الله الصليحي (ابن أخي السلطان علي بن محمد الصليحي مؤسس الدولة الصليحية) للدفاع عن دولتها (نفسه : ١٧٤ ـ ١٧٥). من ذلك ترى أن أمور الدولة كانت تختلف عن أمور الدعوة في عهد الملكة أروى ، فلكل من النظامين موظفوه المسؤولون عنه.