قد توفي سنة ٤٩٢ ، وقد وصل ابن نجيب الدولة إلى اليمن وهو يحمل لقب الداعي في سنة ٥١٣ ، ولذلك فلدينا فترة مقدارها واحد وعشرون عاما كانت وظيفة الداعي في خلالها ـ إذا وثقنا بما جاء في مخطوطنا ـ يشغلها رجلان على التعاقب أحدهما غير معروف ، أما لقب سلطان الذي منح للآخر فإنه ربما لا يشغلنا كثيرا ، إذا علمنا أن هذا اللقب كثيرا ما يمنح دون تمييز. وهناك كثير من الاعتبارات تحملنا على التشكك في دقة مخطوطنا ، فإن ما يشتمل عليه من كثير من السقط والتحريف تجعل معنى كثير من الفقرات مبهما مستغلقا. والطريقة التي أدرج بها منشور الخليفة الآمر تدل على أن المنشور قد أقحم إقحاما ، وأن يعترض موضوع الفصل اعتراضا يثير شكوكنا ، وعند ما يستأنف الكاتب هذا موضوعه فإنه لا يجد ذكرا لعبد الله بن عبد الله الصليحي الذي قيل لنا بأنه كان يشغل وظيفة الداعي بعد ابن نجيب الدولة ، كما أننا لا نجد تفسيرا للقب الداعي عند وصوله (لجزيرة) دهلك. والجملة التي تبدأ بهذه الكلمات في (ص ١٠٢) : «ثم نقلت دعوة الحافظ إلى آل زريع» يرجح أنها زيادة من الناسخ نقلها فيما يبدو عن الجندي ، ولكنه وضعها في غير موضعها. وقد كتب الجندي ما يلي : «فلما ذهب ابن نجيب الدولة على ما سيأتي أقامت مكانه الداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي». ثم بلغ السيدة وفاة الآمر (القائم في الأصل) وقيام الحافظ بمصر أضافت دعوته إلى آل زريع ، وقالت حسب آل الصليحي ما علموه من موالينا صلوات الله عليهم ، كما سيأتي مبينا إن شاء الله تعالى. وكان ذلك بعد موت الداعي إبراهيم ، وكان أول من قبلها من آل زريع سبأ بن أبي السعود (١).
__________________
(١) ولفهم موضوع دعاة الفاطميين في اليمن على الوجه الصحيح يجب أن نعرف أن الفاطميين قامت لهم باليمن دولتان : الأولى قامت على يد منصور اليمن وزميله علي بن الفضل الجدني ، والثانية قامت على يد علي بن محمد الصليحي. فالدولة الأولى ظلت باليمن من سنة ٢٦٨ إلى أن توفي منصور اليمن سنة ٣٠٣ (الصليحيون : ٢٧ ـ ٤٨). ثم دخلت الدعوة في دور من الستر (٣٠٣ ـ ٤٣٩) وفي هذه الفترة تولى أمر الدعوة في اليمن عبد الله بن عباس الشاوري ، وقد قتل في عهد الخليفة المنصور الفاطمي سنة ٣٣٦ (أنباء / دار : ٢٤) ، وخلفه الداعي يوسف بن موسى بن الطفيل وكان ذلك في خلافة المعز (عيون : ٧ / ١ ـ ٢ ؛ سلوك / كاي : ١٣٩ ـ ١٥٤) ، ثم خلفه الداعي جعفر بن أحمد بن