وتوفي في زبيد في الثاني عشر من نفس الشهر ، وبذلك أصبح عبد النبي هو الحاكم الأوحد للبلاد ، وواصل الحروب بعد أخيه في الفتح والتخريب. ففي سنة ٥٦٩ هاجم الأشراف السليمانيين ، وتألب جماعة من الأعداء تولى أمرهم الأمير وهاس بن غانم بن يحيى بن حمزة بن وهاس ، ولكن عبد النبي تغلب عليهم ، ومزقهم شر ممزق. وكان أميرهم نفسه من بين القتلى. ويقول الخزرجي : إن عبد النبي ألف بهذه المناسبة قصيدة من نوع من القصائد يسمى المسمته ، وقد أوردها بطولها بعد ذلك في صفحة ١٠٦ ، وأوردها بعد أن اقتبس فقرة من عمارة لا توجد في مخطوط عمارة بالمتحف البريطاني. والقصيدة تدل على أن عبد النبي كان شاعرا مجيدا ، كما كان مقاتلا باسلا ، وإنه قد نظم مجموعة من القصائد من بينها القصيدة المسمته.
ومضى الخزرجي في كتابته مستندا على مؤلف العقد الثمين ، ففصل القول في فتوح عبد النبي ، وإغاراته في جبال اليمن. وقد حاصر عدن في سنة ٥٦٨ مما حمل حاتم بن علي ابن الداعي سبأ بن أبي السعود على أن يتقدم نحو صنعاء ، وأن يؤثر على سلطان همدان علي بن حاتم جد المؤرخ ليعين الزريعيين ضد عدوهم المشترك ، وقد لبى الدعوة علي بن حاتم هذا لأنه كالزريعيين فرد من عشيرة يام. ولكنه اشترط بأن تؤيده قبيلتا جنب (١) ومذحج (٢). ومضى حاتم هذا إلى ذمار ، ونال وعودا من السلطان عبد الله بن يحيى ومن الشيخ زيد بن عمرو رئيسي القبيلتين ، بالانضمام لهذا التحالف ، ولذلك سار علي بن حاتم من صنعاء في شهر صفر سنة ٥٦٩ على رأس بني همدان تصحبهم قبائل سنحان وشهاب ونهد وغيرها (٣).
__________________
(١) راجع هامش ١ ص ٢٨٧.
(٢) مذحج بن أدد : بطن من كهلان من القحطانية ، وهم بنو مذحج ، واسمه مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان (معجم قبائل العرب : ٣ / ١٠٦٢ ـ ١٠٦٣ ؛ تاريخ ابن خلدون : ٢ / ٢٥٥ ؛ نهاية الأرب : ٢ / ٣٠١).
(٣) ذكر الهمداني بني شهاب على أنهم من عشيرة بني كندة ، أما بنو نهد فهم بطن من قضاعة ، ولكنهم يشتركون مع بطن من بطون همدان في هذا الاسم. وفي ص ٩٢ من الصفة يسمى الهمداني بني نهد بأنهم بطن من بني عنس.