وقد حشد العرب قواهم في منطقة سحول ، وهاجموا جيش عبد النبي وهزموه هزيمة منكرة قرب إب ، ثم تقدم الحلفاء إلى ذي جبلة ، ثم إلى الجند ، وكان العدو قد ترك هذين الموضعين ، وهاجم المهديين كرة أخرى ، وشتتوهم في ذي عدينة قرب تعز. وجاءت الأخبار من عدن أنه قد رفع الحصار عنها. وأن المعسكر الذي أنشأه عبد النبي في الزعازع قد أخلي. وكان السلطان الهمداني علي بن حاتم يرغب في مطاردة العدو في أرض تهامة ، ولكن حلفاءه من قبيلتي جنب ومذحج أبوا متابعته ، فرجع إلى صنعاء. وهكذا انتهت حملة القصيدة الرائعة. وقد بدأ من الجند يوم السبت ١٩ ربيع أول ووصل ذا أشرق في المساء ، وذا جبلة في اليوم التالي ، وهنا حط رحله لمدة ستة أيام ، ثم أمر بهدم القصر الكبير الذي كانت تسكنه الملكة أروى الصليحية ابنة علي بن عبد الله بن محمد (١)
وعاد عبد النبي إلى زبيد حيث علم بأن توران شاه الأيوبي في محل أبي تراب ، وأن الشريف قاسم بن غانم بن يحيى بن حمزة بن وهاس قد تحالف مع الغزاة لأنه كان يتوق للأخذ بثأر أخيه.
ذكرت في مقدمة هذا الكتاب أن التفصيلات السابقة قد استخلصتها من الخزرجي الذي نقل عن «العقد الثمين» لابن حاتم ، وأن هذه التفصيلات لا توجد في متن المخطوط المنسوب إلى المؤلف نفسه والمحفوظ في مكتبة المتحف البريطاني ، ومخطوط ابن حاتم يبدأ بوصف تفصيلي لفتح اليمن على يد توران شاه ، وفيما يلي موجز لهذا التاريخ
عند وصول توران شاه انضم إليه في حرض (٢) ، والتي تسمى أيضا بمحل أبي تراب ، الأمير قاسم بن غانم بن يحيى بن حمزة السليماني الذي
__________________
(١) هذه الملكة غير الملكة أروى السيدة الحرة بنت أحمد الصليحية (راجع الجدول في التعليق على الحاشية : [١٠٨] من هذا الكتاب).
(٢) حرض : هو بلد في أوائل اليمن من جهة مكة ، نزله حرض بن خولان بن عمرو بن مالك بن حمير فسمي به ، وهو اليوم بين خولان وهمدان (ياقوت : ٣ / ٢٥٣).