فيقضي حوائج الناس على أكمل الأحوال ، ثم إذا كان وقت الغذاء ذهب إلى بيته فقال (١) فيه حتى الزوال ثم يخرج من المسجد (في أول زوال الظل) (٢) ، فلا يشتغل بشيء غير الفريضة (و) (٣) غير المسندات الصحيحة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم حتى العصر فيصليه ، ويدخل داره يقعد حتى الغروب ثم يخرج إلى المسجد».
حاشية [٩٤] : يمضي الجندي في هذه النقطة قائلا : ومسجده إلى الآن يعرف بمسجد سرور غربي مرباع (٤) العجور بمدينة زبيد ، ولا يكاد يعرف من هو سرور إلا آحاد الناس ، وأما أهل زبيد فيعرفون أنه من المساجد المنسوبة إلى الحبشة ، ويقرر الجندي أن تاريخه للدولة القديمة في غاية الاختصار ، ويقول لقرائه بعد أن كتب في وفاة منّ الله : «إذا أردت تحقيق ذلك فانظر مفيد عمارة ، فإني اختصرت كثيرا من أخباره ، ولكن بشرط أن فيما ذكرت دليل على ما لم أذكره صريحا أو مفهوما (٥)» وحين تناول الجندي الكتابة في سيرة سرور وأخلاقه جانب القاعدة التي درج عليها ، ونقل في صفحاته أخبار الوزير الشهير بنص العبارة من كتاب عمارة ، وإن المآثر التي تؤثر عن رجل مسلم اشتهر بالتقوى والورع ، تعد في نظير الكاتب العربي أجل قيمة في التاريخ من تسجيل قيام الدول وسقوطها ، أو في الكتابة في أية حادثة من الحوادث الزمنية ، وفيما يلي ما كتبه الجندي : «فأخباره (سرور) في الكرم والشجاعة والعدل يطول شرحها ، وقد أورد عمارة من ذلك ما هو مشهور فليطلب ذلك مريده من مفيده ، مع أنني قد أطلت في ذكره بخلاف غيره ، لما رأيت من استحقاقه ، وذلك لأني تحققت مما أشار (عمارة). وذكرت من محاسنه ما ينبه عن البعض المتروك (٦)».
__________________
(١) نام.
(٢) الزيادة من الخزرجي.
(٣) نفسه.
(٤) في الأصل : مرتاح.
(٥) في الأصل : دليلا أما.
(٦) في الأصل : (حين) بدلا من (مما) ، وأضيفت كلمة (عمارة) لتوضيح المعنى كما أضفنا واو العطف في كلمة (وذكرت). (وينبه) في الأصل غير معجمة.