وأخشى أن أكون قد تزيدت في بعض الحالات التي يجب أن أكف فيها عن عملي هذا. وقد كففت عن الإشارة إلى أخطاء لفظية كان ممكنا تصحيحها دون أن يثير هذا التصحيح لبسا أو يؤذي في بعض الأحايين عين القارىء ، وإن كان حريا بأن يقطع عليه سياق تفكيره.
ولم أحرص على اتباع قاعدة معينة فيما أجريته أو فيما كففت عنه من التصحيحات ، واستعنت في عملي بتراجم ابن خلكان ، المعروفة بوفيات الأعيان وبخاصة ترجمته لعلي الصليحي ، وبمعجم البلدان لياقوت ، وتاريخ ابن خلدون وبعض المؤلفات الأخرى التي سأخصها بالذكر من بعد :
وإلى تاريخ الجندي والخزرجي يرجع الفضل الأكبر في ضبط المتن. وجدير بي على أي حال ـ أن أذكر ـ أول ما أذكر ، أن عمارة أغفل في كتابه ذكر من سبقوه إلى تدوين تاريخ اليمن في العصر الإسلامي ، ولم يستثن منهم سوى أبي الطامي جياش أحد الملوك الأوائل من دولة بني نجاح ، الذي كتب تاريخا لزبيد باسم : «كتاب المفيد في أخبار زبيد» واسم هذا الكتاب ورد في : «كشف الظنون» ، ونفس عنوانه يطلق عادة على كتاب التاريخ الذي وضعه عمارة. ولكن صفحة عنوان مخطوطة المتحف البريطاني عن تاريخ اليمن لعمارة ، ليس عليها إلا عبارة : «كتاب تاريخ اليمن» للقاضي الشهير عمارة اليمني. ويذكر الخزرجي أن كتاب جياش كان نادرا جدا في عهده (حاشية ٧٥). وقد اقتبس عمارة عن هذا الكتاب ، ونقل عنه فيما أورده عن وفاة علي الصليحي ، وإعادة دولة بني نجاح ، ولعل هذه الفقرات هي كل ما بقي في العصر الحاضر (١) من كتاب جياش.
وذكر صاحب «كتاب كشف الظنون» ، كتاب الجندي تحت عنوان «كتاب السلوك في طبقات العلماء والملوك (٢)» ويشتمل على سلسلة متصلة من سير الفقهاء والحكام. وتوجد نسخة جيدة منه محفوظة بالمكتبة الوطنية في باريس تحت رقم ٢١٢٧ وملحق ٧٦٧ ، وهو مجلد كبير الحجم يشتمل
__________________
(١) يشير الناشر إلى سنة ١٨٩٢ وهي السنة التي نشر فيها هذا الكتاب.
(٢) توجد منه نسخة مصورة بدار الكتب المصرية تحت رقم ٩٩٦ تاريخ.