زيديا هو القاسم بن الحسين سليل الإمام زيد بن علي زين العابدين ، فبادر الشيعة الزيدية إلى الخضوع لنفوذه (١) ، واستقر أسعد بن عبد الله اليعفري في كحلان (٢) يدين بالطاعة للإمام القاسم ، فما مضى وقت طويل حتى شق الشريف الزيدي عصا الطاعة على المنصور القاسم بن علي ، وأعلن خضوعه لسلطان الإمام يوسف بن يحيى. وتوفي الإمام سنة ٢٩٣ ه. وأصبحت صنعاء مسرحا لقتال مستمر ، وفريسة لأحزاب تتقاتل على نصرة أئمة متنافسين ، وأسروا عشائر عربية منها : بنو همدان ، وبنو خولان ، الذين لعبوا الدور الأكبر في هذه المعارك ولم يفلح فريق منهم في بسط سلطانه ، أو في إقامة حكومة مستقرة. وفي سنة ٤٠١ ه. أعلن حسين بن القاسم ـ كما طالما فعل كثيرون من الأدعياء منذ عصره وقبله ـ أنه المهدي المنتظر الذي روي عن النبي أنه أخبر بظهوره ، وقد كثر أتباعه بين بني حمير وهمدان ، فانفضوا من حول الشريف الزيدي ، وطردوه من صنعاء ، ثم طورد حتى أمسك ، وقتل سنة ٤٠٣ ه. لكن المهدي نفسه أخرج في العام التالي من المدينة ، وقتل على مقربة من ثيين ، أثناء هجوم شنه الهمدانيون ، وكان فيهم زعيم من أسرة الضحاك ، ولاه الناس العرش. ولم يكن المهدي قد بلغ الثلاثين ، ولذلك ظل أتباعه يعتقدون فيما بعد أنه لا زال على قيد الحياة.
وفي سنة ٤١٣ ه. وصل الشريف جعفر أخو حسين المهدي من صعدة بدعوة من بني همدان وحمير. وكان الهمدانيون بعد قتل الحسين قد حكموا صنعاء حكما متقطعا.
وفي سنة ٤١٨ ه. ظهر داعي جديد مجهول في مأرب ، وأعلن نفسه
__________________
(١) لم أجد ذكرا لهذا الشريف الزيدي في موضع آخر (كاي).
(٢) ذكرت أن جلازر أثبت بلدة كحلان على خريطته ، في شمال شرق حجة وأرجح أنها الحصن القديم لبني يعفر ، وذكر ياقوت أن اليمنيين يذكرون الاسم كحلان ، ولكنه يسمى هذا المكان مخلافا ، ويذكره الهمداني على أنه اسم لمكان آخر مجاور ، ويختلف عن هذا كل الاختلاف ، ويبدو أنه (في) يريم أو ذورعين. وجاء في القاموس أن كهلان اسم لقبيلة عربية (كاي).