يوسف بن يحيى بن الناصر أحمد ، بنصيب كبير ، أسفر عن الاعتراف بسلطانه أميرا على البلدة وما جاورها (١) وعلى أن عبد الله قد وفق في استعادة نفوذه واستمتع بحكم طويل ، وإن كانت تشوبه الفتن والاضطرابات. واستطاع في سنة ٣٧٩ ه. أن يغزو تهامة على رأس جيش هاجم به ابن زياد ، وهزمه هزيمة منكرة (٢) وفتحت زبيد واستبيحت ، وقطع عبد الله اسم الخليفة العباسي من الخطبة في أنحاء دولته ، وأعلن طاعته للفاطميين بمصر ، وقد توفي سنة ٣٨٧ ه. فخلفه ابنه أسعد ، لكن نفوذ بني يعفر كأسرة كبيرة حاكمة في اليمن آذن الآن بالنهاية ، فقد زال آخر أثر لسلطانهم في صنعاء ، ولم يعد حالهم خير من حال غيرهم من الرؤساء خاملي الذكر ، حتى لنجهل من بعد أسماءهم. ثم نجد لهم ذكرا في وقت متأخر في سنة ٦٧٩ ه. حين نقرأ في عقود الخزرجي ، وفي ابن حاتم أن سلطان اليمن (٣) من الدولة الرسولية استرد ملكه في حصن كوكبان من بني حوال.
وبقيت صنعاء إلى أن فتحها علي الصليحي (٤) مسرحا لقتال دائم ، ليس فحسب بين قبيلتي همدان وخولان المتنافستين ، بل بين عدد من أدعياء الإمامة ، وفي سنة ٣٨٩ ه. ظهر في ديار بني خثعم الإمام المنصور القاسم بن علي ، وتمكن بمساعدة الهمدانيين ؛ من طرد الإمام يوسف بن يحيى من صعدة ، وولى على البلدة ابنه جعفر ، ثم وصل ريدة (٥) (حيث دان له بالطاعة جعفر بن الضحاك وأهل البون) (٦). وأرسل إلى صنعاء شريفا
__________________
(١) ذكر الكتاب الزيديون اسم الإمام يوسف بن يحيى ، ولكني لا أجد وصفا لسيرته ، وقد أضفى عليه مؤلف الجواهر لقب داعي ؛ ولم يذكر عنه سوى أنه كان معاصرا للمنصور قاسم ، والأخير يسمى بالعياني نسبة للمكان الذي أظهر نفسه فيه سنة ٣٨٩ ه. (كاي).
(٢) وقد ورد في مصادرنا أن الحسين بن سلامة كان وصيا على العرش من سنة ٣٧٢ إلى سنة ٤٠٢ ه ..
(٣) الملك المظفر شمس الدين يوسف (الأول) بن عمر (٦٤٧ ـ ٦٩٤ ه).
(٤) تنسب إليه الدولة الصليحية التي حكمت اليمن من سنة ٤٣٩ ـ ٥٣٢ ه. الصليحيون.
(٥) ريدة : مدينة باليمن على مسيرة يوم من صنعاء ، وقال الهمداني : إنها من قرى همدان في نجد / (ياقوت : ٤ / ٣٤٨ ـ ٣٤٩).
(٦) البون : مدينة باليمن (ياقوت : ٢ / ٣٠٩).