بعباراته الجزلة ، ثروة ملوك حمير وسطونهم. ويقول ابن خلدون : إن أسعد قد خلفه أخ له يدعى محمد ، ولكن بعد وفاة أسعد لم يستطع بنو يعفر قط أن يستعيدوا شأوهم ، الذي بلغوه في عهد أسعد.
وفي السنوات الاثني عشرة التالية ، وقعت فتن وثورات ، بذلت محاولات لقمعها ، وكانت هذه الاضطرابات مصحوبة بنزاع لا ينتهي بين أفراد أسرة بني يعفر.
وفي سنة ٣٤٥ ه. استولى على صنعاء إمام صعدة (١) الرسي المختار بن الناصر أحمد بن الهادي ، ولم ينته العام حتى اغتاله زعيم همداني ذو بأس هو الضحاك (٢). وقد آزر الضحاك رجلا من موالي بني يعفر يدعى علي بن وردان ، ونادى به أميرا على صنعاء ، ولكنه لم يستطع مقاومة معارضة قبيلة خولان (٣) ، التي كان على رأسها الأسمر يوسف بن أبي الفتوح. وتوفي ابن وردان سنة ٣٥٠ ه. فخلفه أخوه سابور وحالفه الضحاك. وفي العام التالي فشلا في قتال بني خولان ، ولاذا بالفرار. وبينما كانا يحاولان الهرب إلى ذمار (٤) لحق الأسمر بسابور وقتله ، فاضطر الضحاك إلى الدخول في طاعة أمير زبيد ، أبي الحسن بن زياد ، غير أن الأسمر الخولاني عرض الملك على الأمير عبد الله بن قحطان (٥) ، من سلالة أسعد بن يعفر ، فقتله في سنة ٣٥٢ ه. ودخل صنعاء ، فأسرع الضحاك إلى الفرار ، وتلت ذلك عدة حروب بين المتنازعين ، ساهم فيها الإمام الرسي
__________________
(١) صعدة : تقع شرقي صنعاء وهي مملكة تشتمل على ثلاث قواعد هي : صعدة ، قطابة ، ثلا ، وحصون أخرى تعرف كلها ببني الرسّي (العبر / كاي : ١٢٧) ؛ حاشية : ٧ هامش ٢.
(٢) وقد ذكر المؤرخون الزيديون : القاسم الملقب بالمختار ، ولكنهم لا يعترفون بإمامته كما أنهم لا يقولون بأنه اغتيل.
(٣) خولان : هم بطن من همدان من القحطانيين (لسان العرب : ١٣ / ٢٤٠ ؛ تاج العروس : ٦ / ١٥٢ ، ٧ / ٣١٢).
(٤) ذمار اسم قرية باليمن على مرحلتين من صنعاء (ياقوت : ٤ / ١٩٦).
(٥) سلوك / كاي : ٤٧.