طلائع بن رزيك يشغل هذا المنصب في الوقت الذي وصل فيه عمارة إلى
القاهرة ، ويلقب بالملك الصالح. وكان عمارة معروفا له من قبل ، إذ سبقت له زيارة
مصر ولقي فيها حفاوة مرموقة. فلما جاءها هذه المرة ، أحسن الوزير استقباله في
بلاطه. وكان طلائع متشيعا للمذهب الإسماعيلي ، فحاول حمل عمارة على اعتناقه ، ولئن
كان قد أخفق فيما رمى إليه ، فلقد ظل طوال ما بقي من عمره يبسط صداقته للشاعر
اليمني ، ويتولاه بالرعاية.
وتوفي الخليفة
الفائز سنة ٥٥٥ ه. فخلفه العاضد أخر خلفاء الفاطميين ، ومات طلائع في السنة التالية ، فعين ولده مكانه ، ولقب بالملك العادل الناصر ، ولكنه
اغتيل في المحرم سنة ٥٥٨ ه. وقد أمدت المنازعات التي تلت مقتله ، الأتابك نور
الدين محمود سلطان حلب بذريعة التدخل في شؤون مصر. فسير إليها جيشا بقيادة القائد الكردي أسد الدين شير كوه ، سرعان
ما انتصر لشاور على منافسيه ، وأعاده لمنصب الوزارة. ولكن هذا الوزير ما لبث حين
سنحت له الفرصة أن عمل على التخلص من حماته الأكراد ، مستعينا عليهم بملك بيت
المقدس المسيحي ، فصارت مصر طوال السنوات الخمس التالية مسرحا لسلسلة من المنازعات
، سرعان ما أدت إلى صراع بين كتائب نور الدين ، وكتائب الصليبيين (النصارى) على
امتلاك مصر. وفي النهاية انتصر نور الدين ، قائد جيش الأتابك ، واضطر الصليبيون
إلى مغادرة البلاد مشيعين بحقد أهلها بسبب ما ارتكبوا من فظائع القسوة والاغتصاب.
وفي سنة ٥٦٤
ذبح شاور ، وعين الخليفة الخائر العاضد لدين الله ، شير كوه في منصب الوزارة ،
ولقب بالملك المنصور ، على الرغم من إقراره بالولاء لنور الدين. وتوفي شير كوه قبل
نهاية السنة فخلفه في الوزارة ابن
__________________