ولما قعد ابن فضل ساعة أحس بالسم ، وعلم أنه أكيد على يد الفاصد ، وأمر بطلبه فلم يوجد. فازداد تبغيا. وأمر أن يلحق حيث كان. ويؤتى به ، فخرج العساكر في طلبه بنواح شتى ، حتى أدركه بعضهم بوادي السحول عند المسجد المعروف بقينان (١) فلم يلتزم ، بل دافع عن نفسه حتى قتل. وقبره هنالك ، وهو مسجد جامع له منارة يزار ويتبرك به. دخلته في المحرم سنة ست وتسعين وست مئة.
وتوفي ابن فضل عقيب ذلك ، ليلة الخميس منتصف ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاث مئة (١٦). وكانت (٢) مدة امتحان المسلمين بتملكه سبع عشرة سنة. ولما علم أسعد بوفاته فرح ، وكذلك جميع أهل اليمن فرحوا فرحا شديدا. ثم كاتبوا أسعد على أن يغزو المذيخرة ويستأصل شأن القرامطة ، فأجابهم إلى ذلك ، وتجهز بعسكر جرار من صنعاء ونواحيها. ثم لما صار بمخلاف جعفر ، اجتمع إليه أهله ، ثم أهل الجند ، والمعافر ، والتفت العساكر إلى المذيخرة.
وكان خلف ابن فضل ولدا له يعرف بالفأفأ ، لفأفأة كانت به فحصر أسعد المذيخرة بمن كان معه من الناس. وكانت محطته بجبل ثومان ، الذي تقدم ذكره ، عند ذكر الجعفري ، الذي يعرف الآن باسم جبل خولان ، لأن به عربا منهم يعرفون ببني البعم. فلم تزل العساكر فيه وكلما خرج لهم عسكر من المذيخرة كسرهم المسلمون ، وتتابع ذلك مرة على مرة حتى ذلوا وخضعوا.
ثم نصب أسعد على المدينة المنجنيقات ، فهدم غالب دورها ودخلها قهرا. ثم قتل ابن علي بن فضل ، وجمع من ظفر به من خواصه وأهله ، ومن دخل بمذهبه وسبى بناته ، وكن ثلاث ، اصطفى أسعد منهن واحدة
__________________
(١) ذكر الهمداني (صفة : ٦٨ ، ١٠٠) على أنه موضع يقع في إقليم السحول وفي الجزء الشمالي من منطقة ذي الكلاع. (كاي).
(٢) في الأصل : كان.