اسمها معاذة ، وهبها لابن أخيه قحطان (١) ، فولدت له عبد الله الآتي ذكره ، والاثنتان صارتا إلى رعين. فكانت مدة حصار المسلمين وأسعد للمذيخرة سنة كاملة. قيل أنه لم ينزع أسعد فيها درعه ، ولم يزل متقلدا لسيفه. وانقطعت دولة القرامطة من مخلاف جعفر ، ولم تزل المذيخرة خرابا منذ ذلك إلى عصرنا.
وأما منصور فهو على الحال المتقدم ، ولكنه كان رئيسا لبيبا ، يحب المباقاة ، ولم يبرح في جهة لاعة. حتى توفي قبل ابن فضل سنة اثنتين وثلاث مئة ، بعد أن أوصى لولد له اسمه الحسن ، ورجل آخر من أصحابه اسمه : عبد الله بن العباس الشاوري ، كان خصيصا به ، وكان قد أرسله إلى المهدي برسالة وهدية ، وصار عند المهدي منه صورة ومعرفة.
وذلك أن منصور لما أحس بالموت جمع بينهما وقال : أوصيكما بهذا الأمر فاحتفظاه ، ولا تقطعا دعوة بني عبيد بن ميمون. فنحن غرس من غروسهم ، ولو لا ما دعونا إليه من طاعتهم ، لم يتم لنا مراد ، وعليكما بمكاتبة إمامنا المهدي ، فلا تقطعا أمرا دون مشاورته ، فإن هذا الأمر لم آخذه بكثرة مال ، ولا رجال ، ولم آت هذه البلاد إلا بغضا ، وبلغت ما لم يخف ببركة المهدي ، الذي بشر به النبي صلى الله عليه وآله وسلّم. وكثيرا ما كان يقول ذلك في ملأ من الناس.
ثم لما توفي منصور كتب وصيته الشاوري إلى المهدي ، وهو مقيم بالمهدية ، يخبره بوفاة منصور ، وتركه أمر الدعوة مرخى حتى يرد أمره. وأعلم المهدي بأنه يقوم بأمر الدعوة قياما شافيا وافيا ، دون أولاد منصور. وبعث بالكتاب مع بعض أولاد منصور ، فسار به حتى قدم المهدية ، دفع
__________________
(١) ابن عبد الله بن يعفر ، فولدت له عبد الله بن قحطان (حور : ٢٠٠) واستطرد نشوان قائلا : «وأخذ (أي أسعد بن أبي يعفر الحوالي) ولدين لعلي بن الفضل وجماعة من رؤساء القرامطة معه إلى صنعاء ، وأمر بهم فذبحوا جميعا ، وطرحت أبدانهم في بئر في الجبانة وأخذت رؤوسهم فبقرت ووجهت في أربعة صناديق إلى مكة فنصبت هنالك أيام الموسم».