متزينين متطيبين. ويوقد بينهم الشمع ساعة ، ويتحادثون فيها بأطيب الحديث ، وأطربه ، ثم يطفأ الشمع ، ويضع كل منهم يده على امرأة ، فلا يترك الوقوع عليها ، وإن كانت من ذوات محارمه. وقد يقع مع أحدهم ما لا يعجبه إما لعجز أو لغيره فيريد التفلت منها ، فلا تكاد تعذره.
فقد حكا ابن مالك أن رجلا من القوم ، وقعت يده على عجوز كبيرة محدودبة فحين تحقق حالها ، أراد التفلت منها. فقالت له : لا بد من ذى حكم الأمير. وذى بالذال المهملة ، لغة بعض اليمنيين بمعنى لا. فكأنها قالت : لا بد من الذي حكم (به) الأمير ، يعني ابن فضل.
وهذه مخزية عظيمة شاعت عنه (و) عمت جميع من انتسب إلى التسمعل. وهي شيء لم يحقق عن أحد غيره. ولقد سألت جمعا من الذين يتحقق منهم المذهب ، فأنكروا ذلك. ورأيتهم مجتمعين على أن علي بن فضل زنديق ، وأن منصور اليمن من أعيان مذهبهم ، وأخيارهم ، وذلك الذي يقرر في ذهني.
وكان ابن فضل لما طابت له المذيخرة ، وجعلها دار إقامته. استناب على صنعاء أسعد بن يعفر ، المقدم ذكره. استنابه مكانه. لأنه لم يثبت أن أسعد اجتمع به. كان حذرا من غدره. فأقام أسعد بصنعاء نائبا له ، وهو يود أن يأخذ شأن المسلمين منه ، وهو أيضا حذر منتقض (١). وكان لا يكاد يستقر بصنعاء خشية غازية من ابن فضل أو هجمة.
قال ابن جرير : وكان عنوان كتب ابن فضل إلى أسعد بن يعفر : من باسط الأرض وداحيها ، ومزلزل الجبال ومرسيها ، علي بن فضل إلى عبده أسعد. وكفى بهذا الكلام دليلا على كفره ، فنسأل الله العصمة.
وفي أثناء نيابة أسعد له ، قدم رجل غريب يزعم أنه شريف بغدادي ، فصحب أسعد وأنس به. وقيل : إن قدومه كان بإرسال من صاحب بغداد ،
__________________
(١) من انتقض الجرح بعد برئه والأمر بعد التئامه أي فسد والمعنى أنه يضمر الخروج عليه.