زياد ، وكفلته أخته (١) ، ومولاه رشيد الحبشي. وولى رشيد على الجبال مملوكه الحسين (٢) بن سلامة النوبي. وآل الأمر في دولتهم بتوالي الوزارة في موالي الحبشة والنوبة. واستبدادهم عليهم ، إلى أن انقرضت دولتهم سنة سبع وأربع مئة (٣). ثم هلك هذا الطفل ، فولى طفل آخر من بني زياد أصغر منه. قال ابن سعيد : لم يعرف عمارة اسمه لتوالي الحجبة عليه. ويعني عمارة مؤرخ اليمن. وقيل اسم هذا الطفل الأخير إبراهيم ، وكفلته عمته ، ومرجان من موالي الحسين (٤) بن سلامة ، واستعبد أمرهم ودولتهم. وكان له موليان : اسم أحدهما نفيس (٥) والآخر نجاح. فجعل الملك في كفالة نفيس (٦) ، وأنزله معه في زبيد ، وولى نجاحا على سائر الأعمال ، خارج زبيد ، ومنها الكدراء والمهجم. وكان يؤثر نفيسا (٧) على نجاح ووقع بينهما تنافس ، ورفع لنفيس (٨) أن عمة الطفل تميل إلى نجاح ، وتكاتبه دونه. فقبض عليهما بإذن مولاه مرجان ، ودفنهما حيين.
واستبد وركب بالمظلة وضرب السكة ، وامتعض نجاح لذلك ، فزحف في العساكر ، وبرز نفيس (٩) للقائه ، فكانت بينهما حروب ووقائع انهزم نفيس (١٠) في آخرها. وقتل في خمسة آلاف من عسكره. وملك نجاح زبيد سنة اثنتي عشرة وأربع مئة. ودفن نفيسا (١١) ومولاه مرجانا مكان الطفل والعمة ، واستبد وضرب السكة باسمه. وكاتب ديوان الخلافة ببغداد ، فعقد له على اليمن. ولم يزل مالكا لتهامة ، قاهرا لأهل الجبال ، إلى أن قتله علي الصليحي ، القائم بدعوة العبيديين ، بالسم على يد جارية ، بعث بها إليه سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة ، فقام بالأمر بعده بزبيد مولاه كهلان. ثم استولى الصليحي على زبيد ، وملكها من يده كما ذكرنا.
__________________
(١) أي أخت أبي الجيش.
(٢) في الأصل : الحسن.
(٣) في عمارة : تسع وأربع مئة.
(٤) في الأصل : الحسن.
(٥) في الأصل : قيس.