الخبر عن بني الصليحي القائمين
بدعوة العبيديين باليمن
كان القاضي محمد بن علي الهمداني ثم الصليحي ، رئيس حراز من بلاد همدان وينتسب في بني يام (١). ونشأ له ولد اسمه علي ، وكان صاحب الدعوة يومئذ سليمان (٢) بن عبد الله الزواحي ، نسبة إلى قرية من قرى حراز ، ويقال : أنه كان عنده كتاب الجفر ، من ذخائر أئمتهم بزعمهم ، فزعموا أن عليا بن القاضي محمد مذكور فيه ، فقرأ علي على سليمان (٣) الداعي وأخذ عنه ، لما توسم فيه الأهلية. أراه مكان اسمه في الجفر وأوصافه. وقال لأبيه القاضي : احتفظ بابنك فسيملك جميع اليمن.
فنشأ فقيها صالحا ، وجعل يحج بالناس عن طريق الطائف والسرات خمس عشرة سنة. فطار ذكره ، وعظمت شهرته ، وألقي على ألسنة الناس أنه سلطان اليمن. ومات الداعي سليمان (٤) الزواحي ، فأوصى له بكتبه ، وعهد إليه بالدعوة. ثم حج بالناس سنة ثمان وثلاثين (٥) وأربع مئة على عادته. واجتمع بالموسم بجماعة من قومه همدان كانوا معه ، فدعاهم إلى النصرة والقيام معه فأجابوه وبايعوه ، وكانوا ستين رجلا من رجالات قومهم ، فلما عادوا قام في مسار ، وهو حصن في ذروة جبل حراز ، وحصن ذلك الحصن ، ولم يزل أمره ينمو (٦). وكتب إلى المستنصر صاحب مصر ، يسأله الإذن في إظهار الدعوة ، فأذن له ، وأظهرها وملك اليمن كله.
ونزل صنعاء ، واختط بها القصور. وأسكن عنده ملوك اليمن الذين غلبوا على أمرهم ، وهزم بنو طرف ملوك عثر وتهامة ، وأعمل الحيلة في
__________________
(١) انظر «الصليحيون» : ٦٤ ـ ١١٢ ؛ انظر اللوحة في التعليق على الحاشية ١٠٨ (كاي).
(٢) في الأصل : عامر : وسبق أن ذكرنا ذلك.
(٣) في الأصل : عامر : وسبق أن ذكرنا ذلك.
(٤) في الأصل : عامر : وسبق أن ذكرنا ذلك.
(٥) في الأصل : ثمان وعشرين.
(٦) في الأصل : ينمي.