وزير القائد سرور : الآن انحلت عقدتك بعد قدوم حمير. قلت : فكيف ذلك؟ قال : إن أم عمرو وردة ساخطة عليه وأقسمت لا تكلمه ، ولا تأذن له في الدخول عليها حتى يأتي أبوها ، وهو الشيخ حمير بن أسعد. قال مسلم : ولما كان في تلك الليلة ، دعينا إلى مجلس فيه شراب وغناء وطيب ، فجلسنا ، وإذا القائد قد طلع علينا ، فسلمنا عليه ، ثم سمعنا من خلف الستارة جلبة وجرس حلي لم يكن (١). وإذا هي وردة ، أصلح حمير بينها وبين القائد ، فجاءت لتغني له ، فوقع في قلبي من تعجيز القائد سرور وضعف عزيمته ، بعض ما وقع. فكأنه يوحي بما في نفسي. فاقترح عليها قول الشاعر :
نحن قوم تذيبنا الحدق النجل |
|
مع أننا نذيب الحديدا (٢) |
ومن عبيد فاتك من جعلت ذكره ختامهم وأخرته ، وإن كان أمامهم ، وهو القائد الأجل أبو محمد سرور أمحرة الفاتكي ، وجنسه من الحبشة أمحرة ، وكل ما أورده عنه نقطة من بحر فضله. فمن مبادىء أمره أن منصور بن فاتك لما قتل الوزير أنيسا ، وابتاع من ورثته الحرة الصالحة ، حرة زبيد الحاجة واستولدها ولدا سماه فاتكا بن منصور ، ابتاعت لولدها من الحبشة وصفانا صغارا ، كان سرور (٣) هذا أحدهم ، وربي في حجرها. ولم يلبث أن ترعرع وبرع ، وولته زمام (٤) المماليك ، وصرفت إليه الرياسة على كل من في القصر ، فساد وشدد ولين. ثم ولي العرافة (٥) على طائفة من الجند فملكهم بالإحسان والصفح عنهم. ثم ترقت به الحال إلى أن ولي الترسل (٦) بين السلطان والوزراء ـ الأكابر ـ واستغنى عن الأزمة. وكان الزمام
__________________
(١) أي لم يكن هذا الصوت موجودا من قبل.
(٢) في الأصل : الجديد.
(٣) في الأصل : كان هذا سرور.
(٤) في الأصل : زم.
(٥) العرافة : الرياسة.
(٦) في الأصل : الخطابة والتصحيح من سلوك.