" سعيد تكش" إلى حد أنهما لم يختلفا بشأن الملك والتباع ، ولم ينقطع تواتر تردد الرسل بينهما ، وفى معظم الأحيان كان السفير هو" السيد جمال الدين أبو القاسم" وكان السلطان" سعيد" فى كل مرة يرسل العديد من التحف والهدايا من ملابس الخطا والغلمان الطاهرة والخيول المسرعة والتى يطول شرحها ، وكل رسول كان يصل من" مازندران" إلى ذلك البلاط كان السلطان" سعيد" يجعل مكانه أعلى من رسل الخطا ، ولفور وسائر الملوك وكان يطلق لسانه بألفاظ التجليل فى حق هذا الرسول ، قائلا : إنه رسول سلطان" مازندران" وكان يباهى الجميع بصداقته ومحبته مع السلطان ، وكان يسأل عن أحوال سعة ملكه وقوة شوكته ، وكثرة جنده ، واستقرار قواعد إدارته للملك ، كما كان يطلق لسانه بالتحدث بمحاسن أخلاق السلطان ، وقواعد حكمه ، وهو يهتز طربا ، فلما كان رسل" شاه أردشير" يعودون إلى الحضرة ، ويعرضون عليه حفاوة السلطان" سعيد" بهم والتى كان يبديها دائما ، فكان حباله للطاعة وإخلاصه يتضاعف آلاف المرات ، وقام" صلاح الدين يوسف" ملك مصر والشام بالاستيلاء على معظم بلاد الإفرنج حدود المغرب ولم يكن فى عهدنا ملك أعظم منه ولا أعدل منه ويقول : الشاعر" شمس" أقطع فى حقه :
يا أرض مصر سقاك الله من بلد : |
|
ما زالت منزل أحبابى ومألفها |
كم قد بكت بدموع النيل أعينها : |
|
حتى إلا له إليها رد يوسفها |
وكانت له مع" الإصفهبد" صداقة وألفة لم تنقطع الرسل بينهما ، وحدث آنذاك أن جلس الإمام الواجب الطاعة" الناصر لدين الله" أمير المؤمنين" أبو العباس أحمد" على عرش الخلافة ، والإمارة وبعث بقاضى قضاة بغداد إلى" شاه أردشير" لطلب البيعة ، وتم التشريف العظيم بالأعلام وأربعون من الخيول العربية ، ذات الحداوى الذهبية ، فى موضع بآمل يدعى" كوشك جاولى" وكان" شاه أردشير" قد شيد قصرا عاليا رفيعا ، وجعل الماء يصعد إليه فرأى الرسول وقد ارتدى جبة التشريف والقلنسوة والقباء والقبعة ، فبعث بأخيه والذى كان يدعى" فخر الملوك رستم" ليقبل حوافر الخيل وبمرور الأيام ، توثقت العلاقة بينه وبين الخليفة ، بحيث لو أن أحدا ما كان قد حبس من الخطا بأمر من أمير المؤمنين أو شعر بظلم أو إجحاف من دار الخلافة ، فعند ما كان يلجأ إلى الإصفهبد ويطلب شفاعته لجرائره وجرائمه كان" الاصفهبد" يعرض الأمر على السدة