ـ لو أردت الخلد فى الدار الآخرة فخذ مكانك مع النبى والوصى.
ـ فإن سرك ذلك فاعلم أن الذنب ذنبى وهذا الطريق هو طريقى.
إننى ولدت على هذا وعليه أموت فكن على يقين من أننى تراب قدم حيدر (١).
وكان السلطان محمود رجلا متعصبا فصدق فيه هذا اللغو وسمع هذا الكذب والخلاصة فقد وصل إلى الفردوسى عشرون ألف درهم فتألم بشدة وذهب إلى الحمام وخرج منه وشرب ماء شعير وقسم هذا المال بين خادم الحمام وبائع ماء الشعير ، وأدرك بغضب محمود له فغادر غزنين ليلا ونزل إلى هرى فى دكان إسماعيل الوراق والد الأزرقى وظل مختبئا فى منزله ستة أشهر إلى أن وصل رجال محمود إلى طوس وعادوا ، وعند ما اطمئن الفردوسى غادر هرى متجها إلى طوس وأخذ الشاهنامه وانتقل إلى طبرستان عند الإصفهبد شهريار والذى كان ملكا من أسرة آل باوند على طبرستان ، وتلك أسرة كبيرة يصل نسبها إلى يزدجرد بن شهريار ، ثم هجا محمود فى ديباجة من مائة بيت وقرأها على شهريار وقال أنا أريد أن أجعل هذا الكتاب باسمك بدلا من اسم محمود لأنه عبارة عن جميع أخبار وتاريخ أجدادك فأكرمه شهريار ، وقال له أيها الأستاذ لقد حرضوا محمودا عليك ولم يعرضوا كتابك كما يجب ، ودسوا فى حقك ، وكادوا لك ثم إنك رجل شيعى ، وكل من ينحاز إلى أسرة الرسول لا يأتيه من الدنيا شىء قط ، فهم أنفسهم لم ينالوا منها شيئا ، ومحمود هو سيدى ومولاى فاجعل الشاهنامه باسمه وأعطنى هجاءه لأمحوه وأمنحك شيئا يسيرا ، ومحمود بنفسه سوف يدعوك ويطلب رضاك ولن يضيع مجهود هذا الكتاب هباء ، وفى اليوم التالى أرسل إليه مائة ألف درهم وقال لقد اشتريت كل بيت بألف درهم فأعطنى هذه المائة بيت وتودد محمود فأرسل الفردوسى بتلك الأبيات فأمر بمحوها ، كما محى الفردوسى المسودة أيضا وضاع ذلك الهجاء وبقيت من جملتها هذه الأبيات الستة التالية :
ـ قالوا فى حقى غمزا إن هذا الثرثار قد شاب على حب النبى وعلى.
ـ فإن كنت أتحدث عن حبهم ، فإننى أحمى مائة شخص مثل" محمود".
__________________
(١) لقب للإمام على بن أبى طالب ـ أمر هنك عميد ، ص ١١٢٧.