وصلوا إلى آمل نزل الحسن بن القاسم فى المصلى ، ولم يذهب لدى الناصر ، وركب يوما ما مع خواصه وجنده وجاء إلى البلاط طلبا لنفقات الجند ، فخشى الناصر وركب على بغل وخرج من منزله على غير هدى ، وأراد أن يمضى إلى بأى رثت ، فمضى الحسن بن القاسم فى عقبه ، فأمسكوا به وأحضروه إلى آمل ، وأرسلوه من المدينة إلى قلعة لارجان ، ونزل أصحاب الحسن بن القاسم على قصر الناصر ، وأغاروا على كل أمواله وحريمه ، وانتهى الأمر بأن ركب الحسن بن القاسم ، وضرب عدة أشخاص بالرمح فى ذلك اليوم ، ولم يستطع أن يقبض على زوجة الناصر وابنه ، وأنزلوا الحسن بن على جواده بالسيف ، ونشبت حرب ، وفى اليوم التالى لام أهل آمل جند الناصر بأن قالوا لهم : كيف تسمحون بفعل هذا مع إمامكم؟ ألستم مسلمين؟
ولا يوجد قوم أسوأ منكم فى العالم ، فاعتنى عامة أهل المدينة بأهل الناصر ، وقاموا بما يجب من رعايتهم إلى أن ثار العامة ، وكان ليلى بن النعمان قد جاء من سارى فتعاون مع هذه الجماعة ، ومضوا إلى قصر الحسن بن القاسم ، ووجهوا إليه الشتائم ، وأخذوا منه الخاتم عنوة ، وأرسلوا إلى القلعة ، وأحضروا الناصر ، وتقدموا إليه طالبين العفو والاستغفار والتوبة ، فعفا عن الجميع ، وركب الحسن بن القاسم بمفرده حيث تخلى عنه جميع الناس ، وانضموا إلى الناصر فذهب إلى ميله ، فعلم الناس ، فتعقبوه ، وأمسكوا به ، وحملوه إلى الناصر ، فلم يشح بوجهه عنه قط ، ولم يوجه إليه كلمة فظة أيضا ، وقال : لقد عفوت عنك ، ومضى ، وبعد عدة أيام أمر بأن يذهب إلى جيلان ، وأن يقيم بها ، فلما انقضت مدة تشفع له أبو الحسين أحمد بن الناصر ، واستدعاه وزوجه من ابنة أبى الحسين التى كانت والدة أبا الفضل الداعى ، وأسند إليه ولاية جرجان. (١)
__________________
(١) تصحيح قياسى وفى الأصل" وقتل إشارة إلى القصة المشهورة فى تقسيم الغنائم بعد غزوة حنين فقد أعطى حضرة الرسول مائة جمل إلى الأقرع بن حابس وأعطى أربعة جمال إلى عباس بن مرداس فغضب عباس بن مرداس من عدم تساوى الحقوق كثيرا وقد نظمت أشعار بخصوصها كثيرة جدا وسجلت فى جميع كتب التواريخ والسير والتفاسير وخلاصة معنى البيت أن ابن مرداس أبى تفضيل الأقرع بن حابس على نفسه تاريخ طبرستان ج ١ ص ٢٧٣.