أبهذا اللسان دبرت أمر الخليفتين؟ أيعنى أبهذا اللسان كنت تدبر ملك أبى وأخى فأجابه بقوله يا أمير المؤمنين لسانى جار فى نجع الحوائج لا فى رفع الحوائج ، بمعنى أننى لم أقف فى مقام الذل قط وأطلق اللسان لتسيير الحوائج لا لطلبها فرق له قلب المأمون وأمر أن يقودوه إلى قصره بالشمع والمشاعل فقبل الأرض وقال يا أمير المؤمنين دعنى أمشى بنور رضاك كما رووا أيضا أنه فى وقت مرضه أرسل" المأمون" إليه بزائر وقال له على لسانه إنى قد رضيت عنك ، فاسأل حاجتك فأجاب ؛ أنا إلى رضا الله تعالى أحوج منى إلى رضاك وإلى قليل العافية أحوج إلى كثير ما عندك والخلاصة أنه قال : إن سبب قهر البرامكة كان ذلك أن هارون قد فوض إلى جعفر بابن" يحيى بن زيد" كى يرعاه ، وكان قد جلس فى يوم من الأيام فى مجلس الشراب فالتفت إلى جعفر ، وقال له اذهب واحضر" ابن يحيى بن زيد" فقال جعفر لماذا تستدعيه؟ وما المناسبة؟ وما هو مكانه فى هذا الوقت وتلك الحال؟ فصاح عليه الخليفة فى صوت مهيب ، فقام وأحضر السيد على الفور ، فأجلسه الخليفة وقال له يا ابن العم ألا تعلم لماذا استدعيتك ، فقال : يا أمير المؤمنين أعلم ، فقال له : أنتم تقولون نحن أكثر أهلية لهذا الأمر لاختصاصنا بالقربة والقرابة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعليك الآن أن تسوق البرهان لهذه الدعوة كما يلزمنى الآن أن أعلم هذا أيضا فقال ابن يحيى معاذ الله فلم نقل هذا قط ولا نقول به ، وإن كان جاهل أحمق قد قال بهذا فلا يعول عليه ، فقال هارون : إنك تكذب وإن لكم مزاعم فى هذا الأمر ولا مناص من أن تأتينى بدليل الليلة ، فقال السيد أنا أعلم عن نفسى أن لا ادعاء لدى ولم أقل بهذا أبدا فأخذ الخليفة يلح عليه نتيجة السكر وبدأ يستبد به الغضب ، فقال" جعفر"" لابن يحيى" إن أمير المؤمنين يجرى معك مناظره علمية وهو يسألك بلطف بالغ وكرم تام فلم لا تحاوره ولم لا تجيبه؟ ، فقال السيد لو أجيبه فمن يؤمنّى فكتب الخليفة رسالة الأمان بخط يده وأقسم عليها فى أن لا يأمر بقتله ولا يشنقه ولا يعطه سما وخلافه وأمسك برسالة الأمان فى يده وطلب منه الإجابة بلطف بالغ وترحيب كبير ، فقال السيد : ماذا تسألنى فسأله الخليفة قائلا قدم لى الدليل على أنكم أولى منا فقال نحن أولى منكم بالقرب ، فقال الخليفة : ألسنا نحن وأنتم كلانا متساويين؟ فأجاب السيد الأمر ، ليس كذلك فقال الخليفة ما برهانك؟ فقال : ماذا تقول لو أن يصبح محمد رسول الله صلوات الله عليه وآله حيا ويطلب بنتا من أهل البيت أتجيبه أم لا ، فقال" هارون" نعم وكيف لا أفعل؟ إنها الكفاءة ، فقال السيد : أما أنا فلا أجيبه ولا يجوز لى ، فضرب هارون على رأسه وغمز بعينه بعد فترة لجعفر بأن يأخذوه فأخذ السيد ووضعه بنفس المكان الذى أتى به منه ، فلما انقضت مدة على هذا استدعى الخليفة جعفر وقال له سوف آمرك بأمر يجب أن لا تهمل فيه ، فقال : أمر أمير المؤمنين نافذ ، فأمره