والقدر لرضا الخليفة بأن ألقى الحجب والغشاوة أمام عقل هذا الرجل ؛ بحيث أصبح كالخفاش لا يرى الأمر الواضح الجلى كالنهار المشرق :
وكل امرئ جفت ينابيع عقله |
|
فلا ذنبه ذنب ولا عذره عذر |
وارتحل عن المكان حتى بلغ" الرى" ووصل عند" المهدى" وعرض عليه رد" الإصفهبد" فأرسل" المهدى أبا الخصيب المرزوق السندى" مولى" المثنى بن الحجاج" إلى طريق" زارم" و" شاه كوه" كما أرسل" أبا العون بن عبد الملك" إلى" جرجان" بحيث يلحق به وينضم إليه ، وكان" الإصفهبد" قد أمر سكان الصحراء والفلاة بأن ينتقلوا إلى الجبال حتى لا يلحقهم ضرر من عبور الجيش ، ولم يكن يعلم أن نيتهم هى قمعه وقهره فقام" أبو الخصيب" بتكليف" عمر ابن العلاء" الذى كان قتل رجلا فى" جرجان" ذات وقت ولجأ إلى" الإصفهبد" ، إذ أقام فترة طويلة تحت حمايته فى تلك الولاية ووقف على مسالكها ومعابرها ، ثم عاد ليلتحق بجيش الخليفة مرة ثانية وأصبح قائدا لجيش" أبى الخصيب" وصارت له مكانة فى الشجاعة فكلفه بقيادة ألفى فارس والتوجه إلى" آمل" فأغار عليها ، فتقابل معه حاكمها من قبل" الإصفهبد" وقاتله فهزمه" عمر بن العلاء" وقتله وأقام" عمر بن العلاء" فى" آمل" وأرسل فى الناس مناديا يدعوهم إلى الإسلام ويؤمنهم ولما كانوا قد عانوا من قبل" الإصفهبد" ألوان الاستهزاء والاستخفاف لذا فقد أقبلوا فوجا إثر فوج ، وقبيلة إثر قبيلة ودخلوا فى الإسلام وسلموا كل أملاكهم ومتاعهم حتى بلغهم خبر مقتل عبد الجبار وفرغوا عن" خراسان" واتخذوا من" طبرستان" مقرا ومقاما ، وكان" الإصفهبد خورشيد" قد أرسل المقربين إلى قصر بطريق" آرم" فى أعلى" دربند كولا" وجمع فيه الأبناء والحريم وسائر أتباعه من الخواص والبطانة والثقاة ، وخزائنه ؛ حيث كان يوجد هناك وما زال قائما حتى الآن قلعة" عائشة جرجيلى" وكان قد خزن من الماء فى تلك القلعة ما يكفيه لمدة عشر سنوات ، كما أدخر فيها غلالا وخبزا وسائر المؤن وجعل لتلك القلعة بابا لا يستطيع أقل من خمسمائة رجل أن يرفعوه أو يضعوه فإذا ما وضعوه فوق تلك الحجر فلن يستطيع مخلوق أبدا أن يعرف مكان ذلك الباب ، فأقاموا هناك يكتسون بالفم ويتجرعونه ، وأخذ" الإصفهبد" معه حملا من الذهب واتجه مع الحشم الذين كانوا معه إلى الديلم عن طريق لارجان ليطلب المدد منهم ويطرد ذلك الجيش ، فلم علم جيش الإسلام بسيره