قد كتب من" طبرستان" إلى" سليمان" أن ظفرت بغنائم طائلة بحيث أن قافلة الجمال تمتد إلى" الشام" وكانت قد سلمت تلك الرسالة ل" عمر بن عبد العزيز" فأمر بأن تعرض عليه الغنائم التى دونت بها فقال كان الحال فى البداية هكذا وكنا قد غنمنا الكثير من الغنائم لكن لم تستطيع أن نخرجها فلم يقبل ذلك منه وأمر بحبسه ، وقام" الإصفهبد" فرخان" بعمارة الولاية مرة أخرى ونزل بها مدة عام أو عامين وهو الذى كان جد" المنصور بن المهدى" وامتدت فترة ملكه سبعة عشر عاما وبعده جلس" داذ مهر" الذى كان ابنه الأكبر والذى نتيجة للسياسة التى نهجها أبوه لم يصب ملكه بخلل فأمر بعمارة قصر" أصفهبد" ان مرة أخرى ، وجلس مدة اثنى عشر عاما على العرش ولم يطمع أى مخلوق قط فى ولايته ولم يدخل شخص قط إلى" طبرستان" حتى آخر حكم بنى أمية ، وآنذاك كان قد ظهر خروج" أبى مسلم" وشأنه فى" مرو" وكانت الخلافة قد آلت إلى" مروان الحمار" وسبب تلقيبه بالحمار أن العرب كانت أطلقت على العام المائة سنة الحمار كناية عن حمار" العزيز" عليه السلام ومنذ أول عهد دولة بنى أمية وحتى ذلك الذى قتل فيه أبى مسلم" مروان" كانت قد انقضت مائة عام ، وقد أورد" الجاحظ" فى كتاب" البيان والتبيين" أنه حينما التف جيش" أبى مسلم" حول" مروان بن محمد" وضربوه ، أمر الخادم الذى كان حاجبه بأن يدفن فى الرمال عصا وبردة رسول الله ، وكانت لمروان ذلك ابنة معه فسلمها للخادم ليضرب عنقها فلما أخذوا الخادم من بين الأسرى قال لو قتلتمونى سوف يضيع ميراث رسول الله فأعطوه الأمان ، ودلهم على موضعه ، وسلم لهم البردة والعصا وقد ذكر الأستاذ" أبو الفرج على بن الحسين بن هندو" فى كتاب أمثال المولدة" برواية عن" ابن دريد" صاحب كتاب" الجمهرة" أن" كعب بن زهير" أنشد عنده قصيدة البردة فى مدح رسول الله صلى الله عليه وآله فألقى عليه تلك البردة ، وكان" معاوية" قد اشتراها منه بعشرين ألف درهم ولا تزال حتى هذه الساعة بين يدى خلفاء بنى العباس ، ولم أقرأ قصة قط أعجب من قصة" أبى مسلم" إذ كان الحق جل جلاله قد وهبه رستاقا دانى المحل قريب المنزلة مع مكنة كبيرة بحيث نهض بهذه المهمة العظمى والخطيرة وأتمها بحيث سوف يبقى ذكره يجرى على الألسنة حتى يوم القيامة ، وقد ورد أنه حينما انتصر على بنى أمية وكان" مروان" قد بدأ يحسب له حسابه فأمر" عبد الحميد الكاتب" الذى كان كاتبه ومنشئه وأستاذ هذه الصنعة وقدوة هذه الأمة فى فن الكتابة بأن يكتب إليه رسالة بوعد وعيد ووعظ