يوم صوت من آخر النهار ورئى ضوء هذه النار من مكة ومن ينبع ولا يرى الشمس والقمر من يوم ظهور النار إلا كاسفين.
قال ابن أبى شامة : ظهر عندنا بدمشق أثر الكسوف من ضعف نور الشمس على الحيطان وكلنا حيارى من ذلك ما هو حتى أتى خبر النار.
قال المطرى : سارت النار من مخرجها الأول إلى جهة الشمال مدة ثلاثة أشهر تدب كدبيب النمل تأكل كل ما مرت عليه من جبل أو حجر ولا تأكل الشجر فتثير كل ما مرت عليه فيصير سدا لا سلك فيه لإنسان إلى منتهى الحرة من جهة الشمال ، فقطعت فى وسط وادى الشظاة إلى جبل وغيره فسدت الوادى المذكور بسد عظيم بالحجر المسبول بالنار ولا كسد ذى القرنين لا يصفه إلا من رآه طولا وعرضا وارتفاعا وانقطع وادى الشظاة بسببه وصار السيل ينحبس خلف السد (ق ١٢٨) وهو واد عظيم فتجمع خلفه المياه حتى تصير بحرا كنيل مصر عند زيادته.
قال رحمهالله تعالى : شاهدته كذلك فى شهر رجب من سنة تسع وعشرين وسبعمائة.
قال أخبرنى علم الدين سنجر المغربى من عتقاء الأمير عز الدين منيف بن شحة بن القاسم بن مهنا الحسينى أمير المدينة قال : أرسلنى مولاى الأمير المذكور بعد ظهور النار بأيام ومعى شخص من العرب يسمى خطيب بن سنان ، وقال لنا اقربا من هذه النار وانظرا هل يقدر أحد على القرب منها فخرجت إلى أن خرجنا منها فلم نجد لها حرا فنزلت عن فرسى وسرت إلى أن وصلت إليها وهى تأكل الصخر ومددت يدى إليها بسهم فعرق النصل ولم يحترق واحترق الريش. انتهى.
قال عفيف الدين المرجانى : انظر إلى عظيم لطف البارى تعالى بعباده إذ سخرها بلا حرارة إذ لو كانت كنارنا لاحترقت من مدى البعد ، فناهيك بقربها وعظمها ، ولكنها ليست بأول مكارمه صلىاللهعليهوسلم وامتنان خالقها عزوجل إذ أخمد حرها وجعل سيرها تهويدا لا انقيادا حفظا لنبيه صلىاللهعليهوسلم (ق ١٢٩) لأمته ورفقا بعباده ولطفا بهم (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)(١) وقد ظهر بظهورها معجزات بان بها آيات وأسرار بديعة وعنايات
__________________
(١) ١٤ ك الملك ٦٧.