يوحانان وأصحابه إلى المدينة لضعفهم فدفع الرومان الكباش على السور فى الليل فهدموه وصرخوا عند ذلك صراخا عظيما وأقاموا مكانهم إلى الغد فلما اصبحوا نظروا وغذا قبالة ذلك الموضع الذى أنهدم من السور سور جديد بناه اليهود تلك الليلة وذلك لما رأوا أنهم لا يقدرون على حرق الكباش عزموا على بناء سور آخر داخل الأول فلما رأى الرومان ذلك استعظموا فعل اليهود وأيسوا من فتح المدينة فجعل تيطس يشجعهم ويحثهم على الثبات ويبشرهم بعدم متانة السور الجديد وبعد ذلك هجم الحبيشان بعضهم على البعض الآخر وأشتد القتال فتغلب اليهود عليهم وهزموهم وقتلوا منهم جمعا كثيرا فكلت الرومان من محاربة اليهود وأرادوا الأنصراف فلما علم تيطس بذلك جمع أصحابه وجعل يشجعهم وقال قد قرب الفرج فلا تضعف قواكم عند بلوغ الأمل ولا تضيعوا ما تكبدتموه من الأتعاب باطلا. وأنتم قد أتيتم إلى هذه الأمة لتعيدوها إلى الخضوع كما كانت وقد صبرتم على محاربتها طول هذه المدة حتى هلك رؤسائها وشجعانها وخربتم حصونها وافنيتم عساكرها بالجوع والسيف ولم يبق منها غير شرذمة تسير كالموتى فإن رجعتم عنهم تكنون قد أضعتم أتعابكم باطلا وأى ذكر جميل يخلد لكم فى بطون التواريخ بعد أنهزامكم وكنتم قد عزمتم على تملك المدينة فى أيام نيرون قيصر وعزمتم على تملك المدينة فى أيام نيرون قيصر وعزمتم على أنكم لا ترجعون إليه إلّا منصورين مكللين بالغلبة وأعلام النصر ترفل فوق رؤوسكم فلما ملك وسبسيانس الذى هو أشجع من نيرون وأعظم بأسا منه علمتم على الرجوع فأى عذر يكون لكم عند الوصول إليه وأية حجة تحتجون بها أمامه.