فلما سمع القوم كلام تيطس تشجعوا ولما كان فى مساء اليوم الثانى أجتمع نحو عشرين رجلا من شجعانهم وعملوا على الدخول إلى المدينة بجماعة من العساكر فصعدوا إلى ثغرة السور ودخلوا المدينة لأن اليهود كانوا نياما لشدة تعبهم وجوعهم ولما دخلوا صرخوا فأستيقظ اليهود ولبثوا فى مواضعهم وسمع تيطس صوت أصحابه فعلم أنهم ملكوا بعض المدينة فمضوا مع جماعة من رجاله ووقف عند السور إلى الغد وحينئذ التقى اليهود مع الرومان وجرى قتال أنهزم فيه اليهود إلى القدس وتبعهم الرومان فأقتتلوا فى صحن القدس الخارجى بالسيوف قتالا عظيما لم يسبق له نظير لأن الجميع يئسوا من الحياة وأرادوا الموت وأمتلأ صحن القدس من الدم واستظهر اليهود على الرومان فهزموهم وأخرجوهم من القدس وحينئذ أمر تيطس بهدم بناء كان متصلا بالقدس ليتسع مرسح القتال على جنوده.
وإذ كان قد آن عيد اليهود أجتمعوا إلى القدس حسب عاداتهم فتقدم تيطس إلى القدس ومعه يوسيفوس فأستدعى يوحانان ورؤساء الخوارج وخاطبهم بصوت عال قائلا أخبرونى يا معشر اليهود أخبرونى ما الذى الجأكم إلى خراب هذه المدينة وهذا الهيكل المقدس فأشفقوا عليه فقد علمتم أننى لا أريد خرابه وإذا كنتم تريدون الحرب فأخرجوا إلى الصحراء لنحاربكم وأظهروا هناك شدة بأسكم ووفور شجاعتكم ونزهوا هيكل الله عن الحرب ووقروه ولا تنجسوه بسفك الدم ولا تعطلوا منه القرابين والعبادة فأننا لا نريد ذلك ولا نقصد محاربتكم من أجله فقال يوحانان إيها الملك لا شىء أجل من لحومنا ودمائنا لنقربه قرابين فى هذا الهيكل فقال تيطس كيف تطمعون أنفسكم