أين شجاعتكم إلا تخجلون من الانهزام بعد هدمكم سورين من أسوار المدينة ولم يبق إلّا سور واحد وقد هلك أكثر أهل المدينة من السيف والجوع وليس لهم معين من جهة ونحن عساكرنا متواثرة ولنا أمم كثيرة تعيننا ومتى انتصرنا عليهم نحصل بذلك على الفخر العظيم ولكننا أن انهزمنا من أمامهم فيلحق بنا عار لا يمحى مدى الأدهار ثم أتفق رأى تيطس وقواده على ترك المحاربة وأن يحاصروهم ويضيقوا عليهم إلى أن يقهرهم الجوع فيخرجوا إليه ففعلوا ذلك وحفظوا جميع طرق المدينة فضاق الأمر على اليهود وأشتد الجوع وكان ذلك سبب فتح المدينة.
وسعى قوم من الأشرار بأمتاى الكاهن إلى شمعون الخارجى وذكروا عنه أنه يريد أن يستأمن للرومان فأمر شمعون بالقبض عليه وعلى بنيه وكانوا ثلاثة فقبضوا عليهم وأتوا بهم إلى شمعون فأمر بقتلهم فطلب أمتاى أن يقتله قبل أولاده فلم يفعل ثم تضرع إليه أن يمكنه من ضمهم إليه وتقبيلهم قبل موتهم فلم يقبل بذلك حينئذ خاطب أمتاى شمعون خطابا أظهر به قساوته وإنكاره الجميل وقال فيه أن التسليم للرومان أخير من البقاء فى أورشليم وفضل الموت على مشاهدة خراب الهيكل وكان خطابا طويلا فلما فرغ من كلامه أمر بقتل أولاده ثم بقتله وطرحهم إلى خارج الحسن. ثم أمر بقتل حنينا وهو من أجلاء الكهنة وأمر بطرح جثته على جثة أمتاى وقتل أرسطو الكاتب وخمسة عشر من كبراء الأمة وصلحائهم وقتل أحد عشر رجلا من أعيان المدينة لأنه بلغه أنهم أنكروا قتل أمتاى وقتل يهوذا رئيس الآلف وجماعة معه لأنهم أرادوا أن يستأمنوا للرومان لما رأوا من فعله مع أمتاى وغيره ولما رأى