وفي هذه الصفحة
صندوق آبنوس ، مختم بالصندل ، مصفح بالفضة ، مكوكب بها ، هو قبالة رأس النبي ، صلى
الله عليه وسلم ، وطوله خمسة أشبار ، وعرضه ثلاثة أشبار ، وارتفاعه أربعة أشبار.
وفي الصفحة التي بين الركن الجوفي والركن الغربي موضع عليه ستر مسبل ، يقال : إنه
كان مهبط جبريل ، عليه السلام. فجميع سعة الروضة المكرمة من جميع جهاتها مئتا شبر
واثنان وسبعون شبرا. وهي مؤزرة بالرخام البديع النحت ، الرائع النعت. وينتهي
الإزار منها إلى نحو الثلث أو أقل يسيرا ، وعليه من الجدار المكرم ثلث آخر ، وقد
علاه تضميخ المسك والطيب بمقدار نصف شبر ، مسودا ، مشققا ، متراكما مع طول الأزمنة
والأيام. والذي يعلوه من الجدار شبابيك عود متصلة بالسمك الأعلى ، لأن أعلى الروضة
المباركة متصل بسمك المسجد. وإلى حيز إزار الرخام تنتهي الأستار ، وهي لازوردية
اللون ، مختمة بخواتيم بيض مثمنة ومربعة. وفي داخل الخواتيم دوائر مستديرة ونقط
بيض تحف بها ، فمنظرها منظر بديع الشكل. وفي أعلاها رسم مائل إلى البياض. وفي
الصفحة القبلية أمام وجه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مسمار فضة ، هو أمام الوجه
الكريم فيقف الناس أمامه للسلام. وإلى قدميه ، صلى الله عليه وسلم ، رأس أبي بكر
الصديق ، رضي الله عنه ، ورأس عمر الفاروق مما يلي كتفي أبي بكر الصديق ، رضي الله
عنهما فيقف المسلم مستدبر القبلة ومستقبل الوجه الكريم ، فيسلم ثم ينصرف يمينا إلى
وجه أبي بكر ، ثم إلى وجه عمر ، رضي الله عنهما. وأمام هذه الصفحة المكرمة نحو
العشرين قنديلا معلقة من الفضة ، وفيها اثنان من ذهب. وفي جوفي الروضة المقدسة حوض
صغير مرخم ، في قبلته شكل محراب ، قيل : إنه كان بيت فاطمة ، رضي الله عنها ،
ويقال : هو قبرها ، والله أعلم بحقيقة ذلك.
وعن يمين الروضة
المكرمة المنبر الكريم ، ومنه إليها اثنتان وأربعون خطوة ، وهو في الحوض المبارك
الذي طوله أربع عشرة خطوة ، وعرضه ست خطا ، وهو مرخم كله ، وارتفاعه شبر ونصف ،
وبينه وبين الروضة الصغيرة ، التي بين القبر الكريم والمنبر ، وفيها جاء الأثر
أنها روضة من رياض الجنة ، ثماني خطوات. وفي هذه الروضة يتزاحم الناس للصلاة ، وحق
لهم ذلك. وبإزائها لجهة القبلة عمود ، يقال : إنه مطبق على بقية الجذع الذي حن للنبي
، صلى الله عليه وسلم ، وقطعة منه في وسط العمود