قال الشيخ : ظاهر كلامه وكلام النحويّين أنّ هذه القسمة في كونه منصرفا وغير منصرف حاصرة لجميع المعرب ، وتفسيرهم كلّ واحد من القسمين ينفي الحصر ، وذلك أنّهم فسّروا المنصرف بأنّه الذي تدخله الحركات الثلاث والتنوين لعدم شبه الفعل ، وفسّروا غير المنصرف بأنّه الذي يختزل عنه الجرّ والتنوين لشبه الفعل (١) ، / ويحرّك بالفتح في موضع الجرّ فعلى هذا تبقى أسماء كثيرة لا تدخل تحت واحد منهما ، منها جمع المذكّر السّالم (٢) ، فإنّه لا تدخله الحركات الثّلاث والتنوين ، فلا يكون منصرفا ، ولا يختزل عنه الجرّ والتنوين ، ولا يحرّك بالفتح [في موضع الجرّ](٣) ، فلا يكون غير منصرف ، فلم يدخل تحت واحد منهما ، وكذلك جميع ما أعرب بالحروف ، فإنّه لا يدخل فيما ذكر ، فدلّ على أنّهم لم يريدوا الحصر ، وإنّما أرادوا أنّ الأسماء المعربة منها ما هو منصرف ومنها ما هو غير منصرف (٤) ، ولم يتعرّضوا لما عداهما لمّا كان المقصود إنّما هو المنصرف وغير المنصرف ، أمّا لو قيل : المنصرف ما ليس فيه علّتان من التّسع ، وغير المنصرف ما فيه علّتان [منها](٥) ، وتأثيرهما فيما لولاهما (٦) ، لكان فيه الحركات الثلاث وتنوين التمكّن كان حصرا ، فيكون على هذا «رجلان» اسم امرأة غير منصرف ، و «رجلان» تثنية رجل منصرفا (٧).
ووقع في بعض نسخ المفصّل بعد قوله : «كأحمد ومروان» «إلّا إذا أضيف أو دخله لام
__________________
(١) في د : «الحرف» ، تحريف ، قال المبرد : «اعلم أن كل ما لا ينصرف مضارع به الفعل ، وإنما تأويل قولنا : لا ينصرف أي لا يدخله خفض ولا تنوين» المقتضب : ٣ / ٣٠٩. وانظر الهمع : ١ / ٢٤.
(٢) اعتراض ابن الحاجب هنا يشبه ما اعتراض به صاحب كتاب «البسيط» ، فقد نقل عنه السيوطي قوله : «وأما من قال : المنصرف ما دخله الحركات الثلاث والتنوين وغير المنصرف ما لم يدخله جر ولا تنوين فإن التثنية والجمع والمعرف باللام والإضافة تخرج عن الحصر». الأشباه والنظائر : ١ / ٦٢٨ ، وانظر الأصول في النحو : ٢ / ٧٩.
(٣) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٤) سقط من ط : «ومنها ما هو غير منصرف» ، خطأ.
(٥) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٦) في ط : «لو لا هي» ، تحريف. والضمير في «لو لا هما» يعود على العلتين.
(٧) كلام ابن الحاجب هنا يكاد يطابق كلام ضياء الدين بن العلج ، فقد قال السيوطي : «قال في البسيط ، من قال : المنصرف ما ليس فيه علتان من العلل التسع ، وغير المنصرف ما فيه علتان ، وتأثيرهما منع الجر والتنوين لفظا أو تقديرا ، فقد حصر المنصرف وغير المنصرف ، ودخل في القيد التثنية والجمع والأسماء الستة وما فيه اللام والمضاف في غير ما لا ينصرف ، فيكون على هذا «رجلان» اسم امرأة غير منصرف لوجود العلتين ، وتثنية رجل منصرفا لعدم العلتين». الأشباه والنظائر : ١ / ٦٢٧ ـ ٦٢٨ ، وانظر الأشباه والنظائر : ٢ / ٣٥٨.