يعني أنّ الحاجة لمّأ كانت لمن يشتغل بهذا العلم داعية إلى تقدّم معرفة الإعراب اقتضى ذلك تقديمه ، وإن كان من قبيل المشترك ، وهذا أيضا غير سديد ، فإنّه لو كان كذلك لوجب أن يقدّم أيضا إعراب الأفعال ، لأنّ الحاجة إليه كالحاجة إلى إعراب الأسماء ، وعنى بقوله : «في سائر الأبواب» : في (١) بقيّة الأبواب (٢) ، لأنّ باب المعرب خرج ، أو لأنّ باب المشترك خرج ، واستعمل «سائر» بمعنى جميع ، وإن كان قليلا (٣) ، لأنّه لا حكم في كلامهم إلّا بتركيب جملة ، ولا تركيب إلّا بإعراب.
وكان الأولى أن يعلّله بغير ذلك ، وذلك أنّ الإعراب في الأسماء ليس هو الإعراب في الأفعال في المعنى ، وإن اشتركا في تسمية الإعراب وفي ألفاظه ، وذلك لأنّ الإعراب في الأسماء موضوع بإزاء معان [خاصّة](٤) يدلّ عليها ، فالرّفع علم الفاعليّة (٥) ، والنّصب علم المفعوليّة (٦) ، والجرّ علم الإضافة ، وليس الإعراب في الأفعال موضوعا بإزاء معان ، فلم يكن بينهما اشتراك من حيث المعنى ، فلذلك ذكر كلّ إعراب في موضعه.
اعتذار ثان (٧) : وهو أنّ الإعراب المقصود منه معرفة عوامله ، وإذا كان المقصود منه (٨) هو (٩) العوامل ولا (١٠) مشاركة بين الأسماء والأفعال في العوامل وجب (١١) ذكر عوامل كلّ قسم في
__________________
(١) في الأصل : «الأبواب صحته في ..» وما أثبت عن د. ط.
(٢) سقط من ط : «في بقية الأبواب» ، خطأ.
(٣) قال الأزهري : «والسائر : الباقي» ، تهذيب اللغة : ١٣ / ٤٧ ، وقال الجوهري : «سائر الناس : جميعهم» الصحاح (سير). وقال ابن الأثير : «والسائر مهموز : الباقي ، والناس يستعملونه في معنى الجميع وليس بصحيح» النهاية في غريب الحديث والأثر : ٢ / ٣٢٧ ، وقال الزبيدي : «وسار الناس سائره أي : جميعه وهما لغتان» التاج (سير). وقال أيضا : «والسائر الباقي وكأنه من سأر يسأر فهو سائر .. لا الجميع كما توهمه جماعات». التاج (سأر). وانظر أدب الكاتب للجواليقي : ٤٨ ، والمزهر : ١ / ١٣٦.
(٤) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٥) في ط : «علم على الفاعلية».
(٦) في ط : «علم على المفعولية».
(٧) أي الاعتذار الثاني الذي ينبغي أن يقدمه الزمخشري في رأي ابن الحاجب ، والأول هو الاعتذار الذي قدمه الزمخشري ويتألف من وجهين.
(٨) سقط من د. ط : «منه».
(٩) في د. ط : «هي» ، تحريف.
(١٠) في د. ط : «فلا» ، تحريف.
(١١) في د. ط : «العوامل وإذا وجب ..» ، مقحمة.