قوله : «ولا يعمل عمل الفعل».
ليس على عمومه ، بل يعمل عمل الفعل في بعض المواضع ، وهو كلّ موضع كان فيه لمسبّب مفضّل باعتبار من هو له على (١) نفسه / باعتبار غيره ، فعند ذلك يعمل عمل فعله في ذلك المسبّب ، ومثاله قولهم : «ما رأيت رجلا أبغض إليه الشّرّ منه إلى زيد» وما أشبه ذلك ، فأبغض ههنا في المعنى لمسبّب لرجل ، وهو الشّرّ ، مفضّل باعتبار الرجل على نفسه وباعتبار (٢) غيره ، وهو زيد ، قال سيبويه في هذه المسألة ونظائرها كلاما معناه أنّك لو جعلت «أبغض» خبرا عن الشرّكان محالا (٣) يعني أنّه يؤدّي إلى الفصل بين العامل والمعمول بالأجنبيّ [الذي هو المبتدأ](٤) لأنّ «أبغض» (٥) إذا ارتفع بالخبر كان الشّرّ مبتدا ، و «منه» متعلّق بأبغض (٦) وقد فصلت بينه وبينه بالمبتدأ ، [وهو الشّرّ](٧) وهو فصل بالأجنبيّ وذلك غير جائز.
ولك أن تختصر فتقول : «أبغض إليه الشّرّ من زيد» فتحذف الضمير من «منه» وحرف الجرّ الذي هو فيه ، وتدخل «من» على ما دخلت «إلى» (٨) عليه ، ولك أن تقول : «ما رأيت كزيد أبغض إليه الشّرّ» ، ويفيد ذلك المعنى ، ومنه ما أنشده سيبويه (٩)
مررت على وادي السّباع ولا أرى |
كوادي السّباع حين يظلم واديا |
|
أقلّ به ركب أتوه تئيّة |
وأخوف إلّا ما وقى الله واقيا |
__________________
(١) في د : «وعلى».
(٢) في د : «باعتبار». تحريف.
(٣) قال سيبويه بعد أن ساق المثال الذي أورده ابن الحاجب : «وممّا يدلّك على أنّه على أوّله ينبغي أن يكون أنّ الابتداء فيه محال أنك لو قلت أبغص إليه منه الشّرّ لم يجز». الكتاب : ٢ / ٣٢.
(٤) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٥) في ط : «البغض».
(٦) في ط : «بالبغض». وبعدها في د : «لكنه معمول له».
(٧) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٨) في الأصل. ط : «في». وما أثبت عن د.
(٩) البيتان لسحيم بن وثيل ، وهما في الكتاب : ٢ / ٣٢ ـ ٣٣ ، والمقاصد للعيني : ٤ / ٤٨ ـ ٤٩. والخزانة : ٣ / ٥٢١ ، وادي السباع : مكان بين البصرة والكوفة ، والتّأيّي : التّنظّر والتؤدة يقال : تأيّي الرجل إذا تأنّى في الأمر ، اللسان (أيا) ، وأخوف : مأخوذ من الفعل المبني للمجهول أي : أشدّ مخوّفيّة. الخزانة : ٣ / ٥٢١.