فقد (١) خالف أيضا بابه ، ووجه المخالفة أيضا ما ذكر من أنّه استعمل استعمال ما لا تفضيل فيه ، [فجرى مجرى ما لا تفضيل فيه](٢) فوجبت المطابقة كسائر الصّفات ، فلذلك قالوا على ما ذكر (٣)
وأخر غير منصرف ، وهو جمع أخرى ، وفعل جمع فعلى في جميع باب التفضيل منصرف سوى أخر ، وعلّته أنّه فيه الصفة والعدل ، وبيان العدل أنّ أصله أن لا يستعمل هذا الاستعمال [أي مقترنا ب من](٤) فقد عدل عن صيغة كان يستحقّها إلى صيغة أخرى ، وهذا معنى العدل ، وقد أورد أبو عليّ على ذلك اعتراضا فقال : المعدول عن المعرّف معرفة (٥) ألا ترى أنّ «سحر» المعدول عن السّحر معرفة ، وأمس المعدول عن الأمس معرفة ، وأخر إنّما كان يستحقّ أن يقال : الأخر ، فلو كان معدولا عنه لوجب أن يكون معرفة ، وليس بمعرفة باتّفاق (٦) ولمّا لم يكن معرفة كان غير معدول ، فلتطلب له علّة أخرى.
والجواب من وجهين :
أحدهما (٧) : أنّا نقول : ليس معدولا عمّا ذكرت ، ولكنّه معدول عن قولهم : آخر من كذا ، فاستعمالهم إيّاه مجموعا في موضع المفرد مع «من» عدول عن الصيغة التي كانت له بمصاحبة «من» ، وعلى ذلك يتحقّق العدل مع التنكير ، ويندفع السّؤال.
الثاني : سلّمنا أنّه معدول عن الصيغة التي فيها الألف واللّام ، ومعنى كونه معدولا أنّه كان يجب أن لا يستعمل / إلّا كذلك ، فلمّا استعمل على غير تلك الجهة كان عدولا ، وما ذكره (٨) من قياس العدل صحيح ، إلّا أنّه قام الدّليل ههنا على التنكير ، وثمّة على التعريف ، فحكمنا في كلّ موضع بموجب دليله.
__________________
(١) أقحم قبلها في ط : «وقد غيّر».
(٢) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٣) أي قول الزمخشري : «مررت بآخرين وآخرين وأخرى وأخريين». المفصل : ٢٣٤.
(٤) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د ، وجاء في هامش د «أي لا يستعمل مقترنا ب من فقد عدل إلى صيغة أخرى ، وهو أن يكون معدولا عن الألف واللام كسحر وأصله السحر». ق : ١٢٧ ب.
(٥) انظر اعتراض أبي علي والرد عليه ورقة : ٢٤ ب من الأصل.
(٦) بعدها في ط : «لوصف النكرة به».
(٧) سقط من د : «من وجهين : أحدهما».
(٨) أي الفارسي.