لأنّهم أجروه مجرى باب التعجّب لقربه منه في المعنى ، ولذلك اشترطوا فيه شروط التعجّب ، فلم يبن إلّا ممّا بني منه فعل التعجّب ، فلمّا أجروه مجراه لفظا ومعنى أفردوه كما أفردوا الفعل ، واستغنوا عن تثنيته وجمعه ، فإذا عرّف باللّام أنّث وثنّي وجمع ، لأنّ تعريفه باللّام أخرجه عن شبه الفعليّة ، فجرى على طبق من (١) هو له في التأنيث والتثنية والجمع.
«وإذا أضيف ساغ فيه الأمران».
يعني المطابقة والإفراد ، أمّا المطابقة فلأنّ الإضافة تشبه اللّام ، فأجري بها (٢) مجراه ، وأمّا الإفراد فلأنّ الإضافة فيه ليست إلّا للمفضّل عليه ، فأشبهت «من» مع ما بعدها ، ألا ترى أنّ قولك : «زيد أفضل النّاس» مثل قولك : «زيد أفضل من النّاس» ، فلمّا كانت الإضافة فيه لا تخرجه عن معنى «من» الذي كان بها مفردا بقي مفردا (٣) مع الإضافة ، لأنّها بمثابة «من» مع مجرورها ، وقول ذي الرّمّة (٤) :
وميّة أحسن الثّقلين جيدا |
وسالفة وأحسنه قذالا |
على الإفراد ، ولو جاء على المطابقة لقال : حسنى الثّقلين وحسناه قذالا ، والضمير في «أحسنه» عائد على الثّقلين ، وإن كان مثنّى ، لأنّه في معنى الخلق ، كأنّه قال : وميّة أحسن الخلق.
قوله : «وممّا حذفت منه «من» وهي مرادة» (٥) إلى آخره.
قال رحمهالله : قوله : «أوّل» من أفعل الذي لا فعل له كآبل» (٦)
__________________
(١) في ط : «ما».
(٢) سقط من د : «بها».
(٣) سقط من ط : «بقي مفردا». خطأ.
(٤) البيت في شرح ديوانه : ١٥٢١ ، والخصائص : ٢ / ٤١٩ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٩٦ ، والخزانة : ٤ / ١٠٨ ، والسالفة أعلى العنق ، والقذال : جماع مؤخّر الرأس من الإنسان والفرس ، والجمع : أقذلة وقذل.
(٥) في ط. والمفصل : ٢٣٤ : «مقدرة».
(٦) «أبل يأبل أبالة فهو آبل : حذق مصلحة الإبل والشاء». اللسان (أبل).