والّلام سدّت مسدّ الضمير ، وهو مذهب الكوفيّين (١) ، ومنهم من يقول : الضمير محذوف تقديره : حسن الوجه منه ، وهو مذهب البصريّين (٢) ، هذا (٣) إذا قلنا : إنّ الوجه مرفوع بحسن رفع الفاعل ، فأمّا إذا قيل : إنّ في حسن ضميرا يعود على رجل ، وإنّ الوجه بدل فعند ذلك تقوى المسألة ولا تضعف ، وعلى مثل ذلك حمل قوله تعالى : (مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ)(٤) ، ويكون الاحتياج إلى الضمير باعتبار بدليّة الاشتمال ، وذلك جائز حذفه إذا علم ، وليس حذفه في الجواز كحذف الضمير العائد على صاحب الصّفة.
وأمّا مسألة «حسن الوجه» أو «حسن الوجه» ممّا انتصب فيه / المعمول أو انخفض فليس الحاجة فيه إلى الضمير كالحاجة في «حسن الوجه» لما بيّنّا أنّ الضّمير عند النّصب ولخفض في الصّفة وأنّ النّصب بعده على التشبيه بالمفعوليّة ، والخفض فرعه ، فكما يحسن «ضارب زيدا» يحسن «حسن وجها» ، وكذلك الخفض ، وقوله (٥) :
أقامت على ربعيهما جارتا صفا |
كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما |
استشهد به سيبويه على جواز إضافة الصفة المشبّهة إلى معمولها مضافا إلى مضمر موصوفه ، وهي مسألة «مررت برجل حسن وجهه» لأنّ «جونتا صفة ل «جارتا» مضاف إلى مصطلاهما ،
__________________
(١) انظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٤٠٨ ، والبغداديات : ٢١ ـ ٢٢ ، وشرح التسهيل لابن مالك : ٣ / ١٠١ ـ ١٠٢ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٨٩.
(٢) انظر البغداديات : ٢١ ـ ٢٢ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٨٩ ، وشرح الكافية للرضي : ٢ / ٢١٠ ، وارتشاف الضرب : ٣ / ٢٤٦
(٣) في ط : «وهنا». تحريف.
(٤) ص : ٣٨ / ٥٠ ، والآية (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) ، (٥٠) ذهب أبو علي الفارسي إلى أنّ «الأبواب» بدل من المضمر في «مفتحة» ، انظر البغداديات : ٢٢ ، والإيضاح العضدي : ١٥٤ ، وشرح الكافية للرضي : ٢ / ٢٠٩ ـ ٢١٠
(٥) هو الشماخ ، والبيت في ديوانه : ٣٠٨ ، والكتاب : ١ / ١٩٩ ، وأمالي المرتضى : ٢ / ٣٠ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٨٦ ، والمقاصد للعيني : ٣ / ٥٨٧ ، والخزانة : ٢ / ١٩٨ ، وورد بلا نسبة في البغداديات : ١٨.
الرّبع : الدار ، وضمير المثنّى للدّمنتين والصّفا بفتح الصاد : الصخر الأملس واحده صفاة والمقصود به هنا الجبل لأنّ الأثفيّتين توضعان قريبا من الجبل لتكون حجارة الجبل ثالثة لهما ، وكميتا الأعالي : صفة جارتا صفا ، والكمتة : الحمرة الشديدة المائلة إلى السواد ، وأراد بالأعالي أعالي الجارتين ، وقوله : جونتا مصطلاهما نعت ثان لقوله : جارتا صفا ، والجونة : السوداء ، وهي صفة مشبهة ، الخزانة : ٢ / ١٩٨ ـ ١٩٩