الرّفع ، فإنّ الحسن ليس منسوبا إلّا لما بعده ، ولذلك امتنع الإضمار مع الرّفع ، ووجب مع النّصب ، وإذا خفضت المعمول فالصفة في الحكم كحكم المنصوب ، لأنّ الإضمار فيه لما قبله ، فتقول : «مررت برجل حسن الوجه» ، و «برجلين حسني الوجه» ، و «برجال حسني الوجه» ، وحكمه في التفسير ما ذكر في المنصوب.
ثمّ في هذه المسائل الثماني عشرة مسألتان ممتنعتان ، وهما «مررت بالرّجل الحسن وجهه» ، وهي المسألة الثانية عشرة ، و «مررت بالرّجل الحسن وجه» ، وهي المسألة الثامنة عشرة ، وامتناع الأولى منهما لأنّها لم تفد خفّة بالإضافة ، وامتناع الثانية منهما لأنّها خلاف قياس وضع اللّغة في إضافة المعرفة إلى النكرة.
وفيها مسألة وقع فيها خلاف ، وهي «مررت برجل حسن وجهه» وهي الثالثة ، فمن منعها نظر إلى أنّ حسنا للوجه ، فكأنّه أضيف إلى نفسه (١).
قال الشيخ : وهذا التعليل لابن بابشاذ (٢) ، وليس بصحيح ، لأنّه إنّما يلزم إضافة الشّيء إلى نفسه إن كان (٣) مدلولهما واحدا ، كالحبس والمنع وأمّا إذا كانا متغايرين لفظا ومعنى فلا ، والحسن ههنا ليس هو الوجه ، وإنّما هو معنى قائم بالوجه ، فلا يلزم ما ذكره ، أو لأنّ الوجه مضاف إلى ضميره ، فكأنّه مضاف إلى نفسه ، وكلاهما تعليل فاسد ، ولذلك كان الوجه صحّتها (٤) ، وإنّما منعها صاحب الجمل [أبو القاسم الزّجّاجيّ تلميذ أبي إسحاق الزّجّاج](٥) ، وظنّ أنّ النّاس يمنعونها ، فقال : «وخالف سيبويه فيها جميع الناس» (٦) ، وليس الأمر على ما ذكر.
__________________
(١) أجاز الكوفيون هذه المسألة في النظم والنثر وصحّح ابن مالك مذهبهم ومنعها المبرد مطلقا ، وأجازها سيبويه والبصريون في ضرورة الشعر على قبح ، انظر حكم هذه المسألة وسائر المسائل في الكتاب : ١ / ١٩٩ ، والمقتضب : ٤ / ١٥٩ ـ ١٦٢ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٨٤ ـ ٨٦ ، وشرح التسهيل لابن مالك : ٣ / ٩٥ ـ ٩٦ ، وشرح الكافية للرضي : ٢ / ٢٠٧ ، والأشموني : ٣ / ١٢
(٢) أثار الفارسي هذا الاعتراض في هذه المسألة وأجاب عنه في البغداديات : ١٨ ـ ١٩ ، وانظر تعليل ابن بابشاذ والردّ عليه في شرح الكافية للرضي : ٢ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨
(٣) في ط : «إن لو كان». مقحمة.
(٤) أي المسألة التي وقع فيها الخلاف.
(٥) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٦) قال الزجاجي : «والوجه الحادي عشر أجازه سيبويه وحده وهو قولك : مررت برجل حسن وجهه بإضافة حسن إلى الوجه ، وإضافة الوجه إلى الضمير العائد على الرجل وخالفه جميع الناس في ذلك من البصريين والكوفيين». الجمل : ٩٨ ، وحكى سيبويه هذا الوجه وقال : «وذلك رديء» الكتاب : ١ / ١٩٩.