كقولك : «زيد ضارب عمرا» ، فلا بدّ في «ضارب» من ضمير هو فاعل ، وكذلك «زيد ضارب غلامه عمرا» ، فلم لا يكون المصدر كذلك ، أو يكون اسم الفاعل كالمصدر؟
فالفرق بينهما أنّ اسم الفاعل لا يعمل إلّا معتمدا على من هو له ، أو على حرف استفهام أو حرف نفي ، فإن اعتمد على من هو له وجب رجوع الضمير إليه ، لكونه صفة له أو خبرا أو حالا ، وإذا اعتمد على حرف استفهام (١) أو نفي (٢) وجب ذكر الفاعل ، لأنّه حينئذ أحد جزأي الجملة ، فكان كالفاعل مع الفعل ، بخلاف المصدر ، فإنّ عمله ليس كاسم الفاعل في الاعتمادين المذكورين حتّى يلزم فيه الفاعل ، وأيضا فإنّ اسم الفاعل واقع في المعنى موقع الفعل المبنيّ للفاعل ، كقولك : «زيد ضارب» بمعنى «زيد يضرب» ، فكما أنّه لا بدّ ل «يضرب» من فاعل فكذلك لما حلّ محلّه بخلاف المصدر ، فإنّه ليس واقعا موقع الفعل ، ألا ترى أنّك لو قلت في موضع «زيد يضرب» «زيد ضرب» لم يستقم كما يستقيم «زيد ضارب» ، لأنّ ضاربا بمعنى «يضرب».
وقوله تعالى : (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)(٣) يجوز أن يكون تمثيلا لحذف الفاعل خاصّة ، لأنّه أورده (٤) بعد قوله : «أو ضرب» تفسيرا لقوله : «ضرب زيد» ، ويجوز أن / يكون أورده على المثالين جميعا ، لجواز التقديرين (٥) والأوّل أظهر لأنّ «هم» ظاهر في ضمير الرّوم ، وهم المغلوبون ، والضمير في «غلبهم» لهم ، فهو مضاف إلى المفعول ، والضمير في «سيغلبون» للضمير الذي هو «وهم» ، لأنّه لم (٦) يتقدّم لغيرهم ذكر ، ويجوز أن يكون الضمير في «وهم» للرّوم أيضا ، وفي «غلبهم» للمجوس ، فيكون مضافا إلى الفاعل ، و «سيغلبون» عائد على «هم» على كلّ تقدير لأنّه خبره.
وقوله : (٧)
__________________
(١) في د : «الاستفهام».
(٢) في د : «النفي».
(٣) الروم : ٣٠ / ٣
(٤) أي الزمخشري ، انظر المفصل : ٢٢٤
(٥) في ط : «التقدير».
(٦) في د : «لا».
(٧) هو رؤبة ، والرجز في ملحقات ديوانه : ١٨٧ ، والكتاب : ١ / ١٩١ ، ونسبه ابن يعيش إلى زياد العنبري وصحّح العيني هذه النسبة ، انظر شرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٦٥ ، والمقاصد : ٣ / ٥٣٠ ، وورد الرجز بلا نسبة في مغني اللبيب : ٥٢٨ ، والأشموني : ٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩١ ، وحسان : اسم رجل ، ولواه دينه ليّانا : مطله.