ومنهم (١) من يقول : العامل المصدر لا باعتبار كونه مصدرا ، ولكن لقيامه مقام الفعل ونيابته عنه (٢) فعمله إذن ليس كعمل المصادر ، بل لقيامه مقام الفعل المقدّر ، فوزانه في الوجهين وزان قولك : «زيد في الدّار أبوه» هل العامل في «أبوه» الاستقرار المقدّر أو قولك : «في الدّار» لقيامه مقامه؟ والأكثرون على أنّ «في الدار» هو العامل ، لا باعتبار نفسه ، ولكن لقيامه مقام مستقرّ ، وكذلك ههنا ، / الأكثرون على أنّه (٣) مثل ذلك ، ومنهم من يقول : العامل الاستقرار المقدّر (٤) ووجوب حذفه لا يمنع عمله ، ألا ترى أنّ الإجماع على أنّه عامل في قولك : «في الدار» ، ولم يكن حذفه بمانع من عمله (٥) وكذلك الإجماع على أنّ «سقيا» معمول الفعل المقدّر ، ولم يكن حذفه بمانع من عمله ، فكذلك فيما كان معه.
والمصدر يعمل مفردا أو مضافا ومعرّفا بالّلام ، وهو قليل (٦) لأنّ الألف والّلام لا تدخل على ما هو مقدّر به ، وهو (٧) «أن» والفعل ، ولمّا دخلت عليه ضعف تقديره بأن والفعل ، فضعف عمله.
«ويجوز ترك ذكر الفاعل والمفعول في الإفراد والإضافة».
أمّا جواز ترك المفعول فواضح ، لأنّه فضلة ، وأمّا جواز ترك ذكر الفاعل فلأنّه لم يلزم مع الفعل إلّا لكونه أحد جزأي الجملة ، فاحتيج إليه لتمام الجملة ، وليس هو في باب المصدر أحد (٨) جزأي الجملة فلم يلزم.
فإن قيل : فاسم الفاعل لا بدّ له من فاعل ، وليس فاعله أحد جزأي الجملة في أكثر مواضعه ،
__________________
(١) هذا الوجه الثاني.
(٢) صرح سيبويه بأن النصب بعد هذه المصادر بها أنفسها لا بالأفعال المضمرة وممّن قال بهذا الأخفش والفراء ، انظر الكتاب : ١ / ١١٥ ـ ١١٦ ، وشرح التسهيل لابن مالك : ٣ / ١٢٨ ، وشرح الكافية للرضي : ٢ / ١٩٧ ، وارتشاف الضرب : ٣ / ٧١
(٣) سقط من د : «أنه».
(٤) انظر ما سلف ورقة : ٣٩ ب من الأصل.
(٥) سقط من د. ط : «من عمله».
(٦) انظر في هذا الكتاب : ١ / ١٩٢ ، والمقتضب : ١ / ١٤ ، والأصول : ١ / ١٣٧ ، والإيضاح العضدي : ١٦٠ ، وشرح الكافية للرضي : ٢ / ١٩٧.
(٧) سقط من د : «به وهو». خطأ.
(٨) في الأصل ط : «وليس هو ههنا أحد». وما أثبت عن د.