وأمّا ما اعتلّت لامه من فعّل فإنّ قياسه تفعيل ، فكرهوا اجتماع الياءين ، فحذفوا إحداهما ، وظاهر كلامه أنّ المحذوف الّلام لقوله : «معوّضين التاء من العين والّلام السّاقطتين». فكأنّه لمّا اجتمع الياءان حذفت الثانية استثقالا لها (١) والوجه أن يقال : إنّ تعزية تفعلة ، لأنّ فعّل قياسه إمّا تفعيل وإمّا تفعلة ، وإذا استثقل تفعيل فالوجه أن يحمل تعزية على أنّه تفعلة ، ولا حاجة إلى أن يحمل على التّفعيل ، ثمّ حذفت الّلام ، ثمّ عوّض ، فإنّه تعسّف من غير حاجة.
قوله : «ويجوز ترك التعويض في أفعل دون فعّل ، قال الله تعالى : (وَإِقامَ الصَّلاةِ)(٢)».
وإنّما يكون ترك التعويض عند وجود الإضافة ، كأنّهم جعلوها عوضا (٣) وأمّا «أريته إراء» فشاذّ غير معمول عليه (٤) ، وأمّا مصدر فعّل فلم يجئ بترك التعويض / لا مضافا ولا غير مضاف ، وسببه أنّه أحد بناء مصدريه القياسيّ ، والتزم دون أخيه استثقالا لأخيه ، فلا وجه لحذف تائه ، بخلاف قولك : إقامة ، فإنّ القياس حذف تائه ، فكان حذفها ردّا إلى أصله [وهو إقوام](٥) بخلاف تفعلة ، ثمّ لو سلّم أنّها للتعويض في تعزية من الّلام (٦) فالفرق بين تعزية (٧) وإقامة أنّ الحذف في إقامة لازم إعلالا كلزوم الحذف في نحو عصا ، والحذف في تعزية ليس على طريق إعلال ، إذ اجتماع الياءين لا يوجب حذفا ، وإنّما اغتفر التعويض ، فلا يلزم من حذف ما جيء به [وهي التاء في إقامة](٨) بعد وجوب الحذف لغيره للتّعويض (٩) حذف ما كان الحذف لأجل كونه عوضا لتنزّله منزلة المحذوف بخلاف إقامة ، فإنه ليس منزّلا منزلة المحذوف ، لوجوب الحذف بغيره ، وقد جاء التّفعيل
__________________
(١) ذهب ابن الشجري والرضي إلى أنّ المحذوف الياء الأولى وهي ياء التفعيل والمد ، انظر أمالي ابن الشجري : ٢ / ٢٩٤ ، وشرح الشافية للرضي : ١ / ١٦٥ ، وانظر الأصول : ٣ / ١٣٢ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٥٨.
(٢) الأنبياء : ٢١ / ٧٣
(٣) حذف التاء من المصدر عند إضافته هو قول الفراء وابن الشجري والرضي ، ولم يشترط سيبويه الإضافة لحذف التاء ، انظر الكتاب : ٤ / ٨٣ ، ومعاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٥٤ ، والسيرافي : ٢١٥ ، وأمالي ابن الشجري : ٢ / ٨ ، ٢٩٣ ، وشرح الشافية للرضي : ١ / ١٦٥
(٤) انظر في ذلك الكتاب : ٤ / ٨٣ والسيرافي : ٢٢٧.
(٥) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٦) سقط من ط : «من اللام».
(٧) في الأصل. ط : «بينها» مكان «بين تعزية». وما أثبت عن د.
(٨) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٩) في ط : «كالتعويض».