أبانا (١) ، فإنّهم فعلوا نحو ذلك في قولهم : العمران (٢) والقمران (٣) ، وهذا مثنّى ، وإن كان مفرداه ليسا في التّحقيق على ما تقدّم ، ولكنّه جعل كلّ واحد منهما كأنّه مسمّى بعمر ، لأنّا نقول : لو كان كذلك لوجب أن يقال : «الأبانان» على ما هو قياس لغتهم في مثله ، وإذا احتمل الشّيء تقديرين أحدهما لا يؤدّي إلى محذور والآخر يؤدّي إلى محذور ، فارتكاب ما لا يؤدّي إلى محذور هو الواجب ، ولمّا كان هذا التقدير يؤدّي إلى تقدير «الأبانان» وليس بجائز كان مؤدّيا إلى ما لا يجوز ، فلا يجوز (٤) ، فوجب أن يجعل (٥) استثناء منقطعا.
ثم لو قدّر صحّة ذلك في «أبانين» فهو ممتنع التقدير في نحو «أذرعات» لأنّه ليس معنا (٦) : أذرعة وأذرعة ، فجمعناها أذرعات ، بل ولا (٧) شيء اسمه أذرعة ، / وإنّما وضع «أذرعات» وضعا أوّلا لموضوع مخصوص ، وكذلك «عرفات».
فإن قيل : فعرفات يقال فيه : عرفة ، فما المانع من أن تكون «عرفات» جميعا له فالجواب : أنّ عرفة وعرفات جميعا علمان (٨) لهذا المكان المخصوص ، ولو كان جمعا له لوجب أن يكون له آحاد كلّ واحد منها اسمه عرفة ، وليس ثمّة أمكنة متعدّدة اسم كلّ واحد منها عرفة ، ثمّ جمعت عرفات ، بل عرفة وعرفات مدلولهما واحد ، فعلم بذلك أنّه ليس جمعا له ، وإنّما استثناه (٩) وإن كان منقطعا تنبيها على أنّ هذه الألفاظ وإن كان فيها ألفاظ المثنّى والمجموع لا يجوز دخول اللّام عليها ، وإن كان واجبا فيما تقدّم ، لأنّها في الحقيقة غير مثنّاة ولا مجموعة.
ولو قيل : أراد بقوله : «وكلّ مثنّى» (١٠) ما لفظه مثنّى [سواء كان المثنّى من الأعلام محلّى
__________________
(١) انظر الكتاب : ٢ / ١٠٤ ، والاشتقاق : ٧٧.
(٢) هما أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب ، انظر الكامل للمبرد : ١ / ١٤٣ ـ ١٤٤.
(٣) أي : الشمس والقمر ، انظر أمالي ابن الشجري : ١ / ١٤ ، ٢ / ١٦٠.
(٤) سقط من ط : «فلا يجوز».
(٥) أي : «أبانين». في قول الزمخشري : «إلا أبانين» ، انظر المفصل : ١٤.
(٦) في ط : «معنى» ، تحريف.
(٧) في ط : «لا».
(٨) في ط : «علم».
(٩) أي : الزمخشري.
(١٠) في ط : «وكل شيء» ، تحريف.