قوله : «وحقّ مميّز العشرة فما دونها أن يكون جمع قلّة ليطابق عدد القلّة» إلى آخره.
قال الشيخ : إنّ العشرة فما دونها هي التي وضعت لها جموع القلّة ، فإذا أمكن الإتيان بها معها كان أحسن لموافقتها لها في المعنى.
وقوله : «وقد يستعار جمع الكثرة لموضع (١) جمع القلّة كقوله تعالى : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٢)».
والذي حسنّه أنّ قروءا في كلامهم كثير ، ولكثرته استخفّ ، فوضع موضع أقراء ، وأيضا فإنّ أقراء أثقل من قروء لأنّ فيه همزتين ، وهو أكثر بحرف ، فكان قروء ههنا حسنا لهذا العارض (٣) فيه.
قوله : «وأحد عشر إلى تسعة عشر مبنيّ إلّا اثني عشر».
تكلّم فيه في المركّبات ، وقد تقدّم في المركّبات ذكر علّة بنائها ، وقوله : «إلّا اثني عشر» ، يريد أنّه معرب دون سائر أخواته ، وإنّما أعرب (٤) لأنّه جعل كالمضاف إلى عشر ، بدليل حذفهم نونه ، فلم يقدّر فيه حرف العطف ، إذ تقدير حرف العطف والإضافة متناقض ، ولمّا ثبت ذلك كان إعرابه هو الوجه.
«وحكم آخر شطريه حكم نون التثنية ، ولذلك لم يضف (٥) إضافة أخواته».
لأنّه لمّا حذفوا نونه وهو غير مضاف في التحقيق لطوله صار «عشر» عوضا منها (٦) ، فلم يضيفوه لأنّه لو أضافوه وحذفوا «عشر» أخلّوا ، ولو أبقوا «عشر» كانوا قد جمعوا بين الإضافة وبين ما هو عوض عن النّون ، وأيضا فإنّهم لو أضافوا لم يخل إمّا أن يضيفوا الاسمين أو أحدهما ، وكلاهما متعذّر فتعذّر ، وبيان التعذّر هو أنّهم لو أضافوا الاسمين مع جعل الأوّل كالمضاف في حذف النّون والإعراب لم يستقم ، إذ المضاف والمضاف إليه لا يضافان جميعا أبدا ، فكذلك ما أجري مجراهما في أحكام الإضافة ، لئلّا يؤدّي إلى الجمع بين أحكام الإضافة وبين ما يضادّها ، ولو
__________________
(١) في المفصل : ٢١٥ : «في موضع».
(٢) البقرة : ٢ / ٢٢٨ ، والآية : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ).
(٣) في ط : «التعارض».
(٤) سقط من د : «وإنّما أعرب».
(٥) في المفصل : ٢١٥ : «لا يضاف».
(٦) انظر الكتاب : ٣ / ٣٠٧ ، والمقتضب : ٢ / ١٦٢