وثانيهما : وإن سلّمت المساواة إلّا أنّه اغتفر الجمع في الأوّل لكونه جمع قلّة لفظا ومعنى (١) ، [كثلاثة أفلس](٢) ، أو معنى لا لفظا [كثلاثة دراهم](٣) ، بخلاف هذا ، فإنّه جمع كثرة ، وجمع الكثرة مستثقل ردّ إلى الواحد في الموضع الذي يغني ذكر الواحد عنه ، ألا ترى أنّه فعل مثل ذلك في التصغير ، فقيل : أجيمال في تصغير أجمال ، واغتفر لفظ جمع القلّة ، وقيل في تصغير جمال : جميلات ، ولم يقل : جميل استثقالا لجمع الكثرة ، فردّ إلى الواحد.
وأمّا مميّز المائة والألف فيجب خفضه لصحّة الإضافة كما خفض في أوّل العدد ، وأفرد للوجه (٤) الثاني المذكور في الإفراد لا للوجه (٥) الأوّل لأنّه يضعّف ، [لأن إضافة المائة إلى الجمع تجعله ضعيفا ، وإن جاءت](٦).
قوله : «وممّا شذّ عن ذلك قولهم : ثلاثمائة إلى تسعمائة».
ووجه الشّذوذ أنّ قياس الثّلاث أن يضاف إلى الجمع كما تقدّم ، وقد أضافوا في المئات إلى المفرد ، فقالوا : ثلاثمائة إلى تسعمائة ، وكان قياسه ثلاثمئات أو مئين إلى تسعمئات أو مئين ، وعلّته أنّه في نفسه جمع كثرة (٧) مؤنّث ، فاستثقل للكثرة والتأنيث ، ولا يرد «ثلاثة رجال» ، إذ لا كثرة ولا تأنيث ، ولا «ثلاث نساء» إذ لا كثرة ، ولا «ثلاثة آلاف» إذ لا تأنيث ، فلمّا استثقل للتأنيث والكثرة ردّ إلى المفرد ، وشبّهه (٨) بقوله (٩)
كلوا في بعض بطنكم تعفّوا |
فإنّ زمانكم زمن خميص |
__________________
(١) سقط من د : «ومعنى». خطأ.
(٢) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٣) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٤) في د : «الوجه». تحريف.
(٥) في د : «الوجه». تحريف.
(٦) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د. وانظر تعليل خفض مميز المائة والألف وإفراده في أسرار العربية : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ١٩ ـ ٢٠
(٧) في د : «كثير».
(٨) أي : الزمخشري.
(٩) البيت من الأبيات الخمسين التي لا يعرف لها قائل ، وهو في الكتاب : ١ / ٢١٠ ، والمقتضب : ٢ / ١٧١ ـ ١٧٢ ، وأمالي ابن الشجري : ١ / ٣١١ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٥ / ٨ ، ٦ / ٢٢ ، والخزانة : ٣ / ٣٧٩