ولا يرد شيء (١) ممّا ذكرناه على الواحد والاثنين لأنّه ليس بجماعة فيقال : يؤنّث المذكّر ، فجاء كلّ واحد منهما على أصله ، ولا يقال : يكره في المؤنّث أن يجمع بين تأنيثين فيما هو كالشّيء الواحد ، إذ لا يقال : واحدة امرأة ، فلذلك جاء الواحد والاثنان على القياس الأصليّ ، وخولف في الثلاثة إلى العشرة.
قوله : «والمميّز على ضربين : منصوب ومجرور» إلى آخره.
قال الشّيخ : أمّا من الثلاثة إلى العشرة فالمميّز مجموع مجرور أمّا جمعه فلأنّه هو القياس ، لأنّ مدلوله جمع ، وأمّا جرّه فلأنّ الثّلاث لمّا كانت مبهمة تصلح لكلّ شيء وقصد إلى تبيينها أضيف كما يضاف نفس وذات وكلّ وبعض ، وغير ذلك إذا قصد إلى تبيينه ، فلذلك جاء ثلاثة رجال إلى العشرة (٢).
وأمّا مميّز ما بعد العشرة إلى التسعة والتسعين فمفرد منصوب (٣) ، أمّا كونه منصوبا فلتعذّر إضافته ، ألا ترى أنّ العشرين إلى التّسعين لا تصحّ إضافته ، لأنّه لو أضيف لم يخل إمّا أن تثبت نونه أو تحذف ، وكلاهما فيه خروج عن القياس ، لأنّه إذا حذفها حذف حرفا من كلمة ليست كنون مسلمين ، وإن أثبتها أثبت نونا / جيء بها للدّلالة على الجمع ، فلمّا تعذّرت إضافته وجب نصب المميّز ، ولمّا وجب نصبه ردّ إلى المفرد ، إذ الغرض به التبيين.
فإن قيل : فلم لم يبق الجمع وإن فات الخفض ، لأنّ المدلول جمع ، فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أنّه لم يقصد ههنا بالذّات إلّا الاسم المتقدّم بخلاف الأوّل ، فإنّه قصد بالاسم الثاني عين (٤) المقصود ، لأنّه بمثابة قولك : نفس زيد على ما تقدّم (٥) وليس العشرون كذلك ، لأنّ رجلا معها كالصّفة بعد تمام الموصوف ، فلا يلزم من جمع قولك : «ثلاثة رجال» مع كونه مضافا إلى المقصود بمثابة «ذات زيد» جمع «رجلا» بعد تعذّر إضافته في قولك : «عشرون رجلا».
__________________
(١) في ط : «يرد في شيء». مقحمة.
(٢) انظر تعليل جمع مميز ما بين الثلاثة والعشرة وجره في شرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ١٩.
(٣) انظر تعليل ذلك في أسرار العربية : ٢٢٢ وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٢٠
(٤) في ط : «غير». تحريف.
(٥) انظر ما تقدّم ورقة : ١٠١ أمن الأصل.