منزلة بعلبكّ في أنّ الثاني ليس له مدلول على حياله ، فيفعل به ما فعل بذلك.
وأمّا القسم الأوّل فلم يجر مجرى بعلبكّ لأنّ الثاني (١) مقصود مراد ، ولم يضف إليه الأوّل إلّا لقصد المعنى فيه ، فلو نسب إلى الأوّل فيه لنسب إلى الأعمّ وترك الأخصّ ، فكان ملبسا ، وكان العكس أولى.
وإن ورد على ذلك الكنى للأطفال ولمن ليس له ولد ، فإنّه يقصد فيه بالثاني مسمّى على حياله لانتفاء ذلك في التحقيق ، والنّسب فيه إلى الثاني.
فالجواب أنّ الكنى أصلها القصد إلى الثاني ، وإنّما أجريت في هذه المواضع تفاؤلا ، والمراد بها ما هو أصلها ، وهو أن يكون الثاني معيّنا (٢) فلذلك جرت في هذه المواضع مجرى وقوعها في التحقيق ، ألا ترى أنّ ابن الزّبير علم على عبد الله ، وإن لم يخطر السّامع بباله ابنا منسوبا إلى رجل مسمّى بالزّبير ، فالثاني بهذا التقدير غير مقصود به مسمّى على حياله ، وهو مع ذلك ينسب إلى الثاني فيه إجراء له على قضيّة الأصل ، إذ أصل وضع ابن الزّبير / لمن وضع له ابن منسوب إلى رجل مسمّى بالزّبير ، فكذلك الكنى الواردة اعتراضا.
قوله : «وقد يصاغ منهما اسم منسوب فينسب إليه».
وهذا إنّما يؤخذ سماعا فيما جاء عنهم.
قال : «وإذا نسب إلى الجمع ردّ إلى الواحد» إلى آخره.
قال الشيخ : الجمع (٣) المنسوب لا يخلو إمّا أن يكون باقيا على معنى الجمعيّة فيه ، أو يصير علما بوضع أو بغلبة ، فإذا نسب إلى الأوّل (٤) وجب ردّه إلى الواحد ، لأنّ الغرض من النّسب إلى الجمع الدّلالة على أنّ بينه وبين هذا الجنس ملابسة ، وهذا يحصل بالمفرد ، فيقع لفظ الجمع ضائعا (٥) ، وأمّا الثاني (٦) فيجب بقاؤه على لفظه ، إذ هذا المعنى الذي فعل من أجله الرّدّ إلى الواحد
__________________
(١) سقط من د : من قوله : «ليس له مدلول» إلى «الثاني». خطأ ، والمقصود بالثاني المضاف إليه.
(٢) سقط من ط : «وهو أن يكون الثاني معينا».
(٣) في ط : «وضع الجمع».
(٤) أي : إلى الجمع باقيا على معنى الجمعية.
(٥) من قوله : «وجب ردّه» إلى «ضائعا» نقله الجاربردي في شرح الشافية : ١٧٩
(٦) أي : النّسب إلى الجمع علما بوضع أو غلبة.