لو كان المصحّح تأويله بأنّه شيء لجرى (١) في الحدوث وغيره على السّواء.
وقال الكوفيّون : إنّما ذلك لأنّه لا مشاركة بينه وبين المذكّر ، والتاء جاءت للتفرقة ، فلا حاجة إليها ، وقد ردّ ذلك بأمور :
أحدها : أنّه لو كان كذلك لوجب أن تقول : ناقة ضامرة ، لقولهم : جمل ضامر ، لتحصل التفرقة ، وهو الذي أشار إليه في الكتاب (٢).
وهذا لا يلزمهم إلّا أن يعمّموا ، وهم إنّما علّلوا نحو : حائض وطامث.
الثاني : أنّه لو كان كذلك لوجب أن يقال : امرأة مرضع لأنّه لا مشاركة بينه وبين المذكّر ، ولمّا قيل : امرأة مرضعة دلّ على فساد التعليل ، ولا يلزمهم أيضا لأمرين :
أحدهما : أنّهم إنّما جعلوه مجوّزا لا موجبا ، ويجوز أن تقول : مرضع كذلك.
وثانيهما : أنّهم إنّما علّلوا الواقع في كلام العرب من نحو : حائض وطامث وطالق ، فلا يلزمهم التعميم.
الثالث (٣) : أنّه قيل : لو كان ما ذكرتموه صحيحا لجاز أن تقول : «هند حاض» إذ لا مشاركة بينه وبين المذكّر ، وهذا أيضا لا يلزمهم لأنّهم لم يعمّموا في الأسماء فضلا عن الأفعال ، وإذا لم يرد عليهم بعض الأسماء فلأن لا يرد عليهم الأفعال أولى.
قوله : «ويستوي المذكّر والمؤنّث» إلى آخره.
قال رضياللهعنه : هذا الفصل راجع إلى السّماع ، واشتراطهم جريه على المؤنّث قصد إلى الإيضاح في كونه للمؤنّث ، ليحصل الفرق بينه وبين المؤنّث بقرينة جريه على الموصوف.
ثمّ قال : «وقد يشبّه به ما هو بمعنى فاعل».
يعني لمّا كان فعيل تحذف (٤) منه التاء في المؤنّث وهو بمعنى مفعول شبّه به فعيل ، وإن كان
__________________
(١) في الأصل. ط : «لجرت». وما أثبت عن د.
(٢) أي : الزمخشري ، انظر المفصل : ٢٠٠
(٣) أي : الأمر الثالث من الأمور التي ردّ بها على الكوفيين ، والرادّ عليهم بهذه الأمور هم البصريون. انظر الإنصاف : ٧٥٨ ـ ٧٨٢.
(٤) في ط : «فعيل قد تحذف». مقحمة.